يتحرك ، وكان إذا حضر الحرب أخذ قوسين وتركاشين وباشر القتال بنفسه ، وكان يقول : طالما تعرضت للشهادة فلم أدركها. قال الذهبي : قلت وقد أدركها على فراشه وبقي ذلك في أفواه المسلمين تراهم يقولون نور الدين الشهيد ، وما شهادته إلا بالخوانيق رحمهالله تعالى ، ومن فضائله كما قال ابن الجوزي رحمهالله تعالى أنه كان له عجائز بدمشق وحلب ، وكان يخيط الكوافي ويعمل السكاكر ويبيعها له العجائز سرا ، فكان يوم يصوم يفطر على أثمانها. وحكى شرف الدين يعقوب بن المعتمد أن في دارهم سكرة على خرستان من عمل نور الدين يتبركون بها ، وهي باقية إلى سنة خمسين وستمائة. قال ابن كثير : كان يجلس يوم الثلاثاء في المسجد المعلق الذي بالكشك ليصل إليه كل أحد من المسلمين وأهل الذمة ، وأغلق باب كيسان وفتح باب الفرج ، ولم يكن هناك قبله باب بالكلية ، وفي أيامه فتحت المشاهد الأربعة بالجامع ، وقد كانت حواصل الجامع فيها من حين احترق سنة إحدى وستين وأربعمائة ، وأضاف إلى أوقاف الجامع المذكور الأوقاف التي لا يعرف واقفها ولا تعرف شروطهم فيها ، وجعلها قلما واحدا ، وتسمى مال المصالح ، ورتب عليه لذوي الحاجات من الفقراء والمساكين والأرامل والأيتام وما أشبه ذلك ، توفي رحمهالله تعالى في شوال في قلعة دمشق بالخوانيق ، ودفن بتربته بمدرسة باب الخواصين ، وعهد بالملك إلى ولده الصالح إسماعيل وهو ابن إحدى عشرة سنة ، وحلّف الوزراء لولده أن يكون في السلطنة بعده ، وكان الصالح أحسن أهل زمانه صورة. وللعماد الكاتب يرثيه ويقول : شعر :
يا ملكا أيامه لم تزل |
|
بفضله باهية فاخره |
ملكت دنياك وخلفتها |
|
وسرت حتى تملك الآخرة |
وفي كتاب البرق الشامي وغيره من مؤلفات العماد الكاتب كثير من سيرة نور الدين واجتهاده ، وقد عني الإمام أبو شامة في كتاب الروضتين في أخبار الدولتين بسيرته وترجمة السلطان نور الدين وكراماته ومناقبه ومآثره ، وما مدح به ورثي طويلة مشهورة ، وهذا الكتاب مبني على الاختصار ، وفيما ذكرنا مقنع وبلاغ ، بل فيه تطويل بالنسبة إلى موضوع هذا الكتاب انتهى. قلت : وقد جمع شيخنا