أيوب نزل على حلب وحاصرها سنة تسع وسبعين وخمسمائة ، وآخر الأمر وقع الاتفاق على أنه عوض عماد الدين زنكي سنجار وتلك النواحي وأخذ منه حلب ، وذلك في صفر سنة تسع وسبعين وخمسمائة ، وانتقل إلى سنجار ، ولم يزل بها إلى أن توفي سنة أربع وتسعين وخمسمائة ، وكان شديد البخل لكنه عادل في الرعية ، عفيف عن أموالهم رحمهالله تعالى انتهى.
وقال الذهبي في مختصر تاريخ الاسلام في سنة إحدى وأربعين وخمسمائة : وفيها حاصر زنكي بن آقسنقر جعبر ، فرتب عليه ثلاثة مماليك فقتلوه ، وتملك ابنه غازي الموصل ، وابنه نور الدين محمود حلب ، وكان زنكي رجلا شجاعا مهيبا انتهى. وقال الذهبي فيه فيمن توفي سنة سبع وثمانين وأربعمائة : والأمير قسيم الدولة آقسنقر التركي مملوك السلطان ملكشاه وقيل هو لصيق به ، فحظي عنده وولّاه حلب الشهباء ، واسمه منقوش على منارة جامع حلب المحروسة ، وكان محسنا إلى الرعية ، قتله تتش ، ودفن رحمهالله تعالى بالمدرسة الزجاجية بمدينة حلب المحروسة بعد كلب آمد ما بقي مدفونا بالمشهد نقله ولده الأتابك زنكي والد الملك نور الدين رحمهالله تعالى انتهى. وكان زنكي والد نور الدين رحمهماالله تعالى يشبه والد آقسنقر ، فإنه كان حسن الصورة أسمر ، مليح العينين ، طويل القامة ، وليس بالطويل البائن ، وكانت سيرته من أحسن السير ، ومن أملح سير الملوك ، وكان من أكابرها حزما وضبطا للأمور ، وكانت رعيته في أمن شامل ، يعجز القوي عن التعدي على الضعيف ، فاشبه أباه ومن يشابه أباه فما ظلم انتهى. ثم قال ابن شداد : أول من درّس بها بهاء الدين بن العقادة ، وكان شيخا فاضلا مشهورا إلى أن توفي. ثم درس بها بعده برهان الدين مسعود الدمشقي ، وكان شيخا عالما مشهورا فاضلا إلى أن توفي. ثم درّس بها بعده أولاد الصدر إبراهيم والمجد أخوه وكان ينوب عنهما الشرف داود الحنفي الدمشقي ، وبقي برهة من الزمان إلى أن قدم شيخ الاسلام جمال الدين محمود بن أحمد بن عبد السيد الحصيري المشهور بالدين والعلم وانتماء العلماء إليه وتلمذتهم له ، وليها سنة ثلاث وعشرين وستمائة ، واستمر بها متوليا إلى أن توفي بها في رابع صفر