الأسدي صاحب الحلة ، وقد تقدّم ، فتجهز دبيس للمسير ، وكان بالموصل أمير كبير يعرف بالجاولي يستحفظ قلعة الموصل ويتولاها من جهة البرسقي ، فطمع في البلاد وحدثته نفسه بتملكها ، فأرسل إلى بغداد أبا الحسن علي بن القاسم السهروردي وصلاح الدين محمد البقيساني لتقرير قاعدته ، فلما وصلا إليها وجدا المسترشد (١) قد أنكر تولية دبيس ، وقال : لا سبيل إلى هذا ، وترددت الرسائل بينه وبين السلطان محمود ، وآخر ما وقع الاختيار عليه زنكي المذكور باختيار المسترشد ، فاستدعى الرسولين الواصلين من الموصل وقرر معهما أن يكون الحديث في البلاد لزنكي ففعلا ذلك ، وبذل المسترشد من ماله مائة ألف دينار ، فبطل دبيس وتوجه زنكي إلى الموصل وتسلمها ، ودخل في عاشر شهر رمضان سنة إحدى وعشرين وخمسمائة على ما ذكره ابن العقيمي. ولما تسلم زنكي الموصل ، سلم إليه السلطان محمود ولديه ألب أرسلان وفروخشاه المعروف بالخفاجي ليربيهما ، فلهذا قبل لزنكي أتابك ، ثم إن زنكي استولى على ما والى الموصل من البلاد ، وفتح الرها سنة تسع وثلاثين وخمسمائة ، وكانت لجوسلين الأرمني ، وتوجه إلى قلعة جعبر ، ومالكها يومئذ سيف الدولة أبو الحسن علي بن مالك ، فحاصرها وأشرف على أخذها ، فأصبح يوم الأربعاء خامس شهر ربيع الآخر إحدى وأربعين وخمسمائة مقتولا وهو راقد على فراشه ليلا ، ودفن بصفين رحمهالله تعالى ، وسار ولده نور الدين فاستولى على حلب ، واستولى ولده الآخر سيف الدين غازي أخو قطب الدين مودود على الموصل ، وكان زنكي قد استردّ من الفرنج حصونا كثيرة مثل كفرطاب والمعرة ، وملك الموصل وحلب وحماة وحمص وبعلبك ومدائن كثيرة. وأولاد زنكي : غازي ومحمود ومودود أبو ملوك الموصل وأمير ميران وبنت انتهى. ثم قال زنكي بن مودود بن زنكي هو أبو الفتح أو أبو الجود عماد الدين بن قطب الدين بن عماد الدين (٢) المذكور قبله صاحب سنجار كان قد ملك حلب بعد ابن عمه الملك الصالح عماد الدين إسماعيل بن نور الدين محمود بن زنكي. ثم إن السلطان صلاح الدين يوسف بن
__________________
(١) شذرات الذهب ٤ : ٨٦.
(٢) شذرات الذهب ٤ : ٣١٦.