عروة الموصلي المنسوب إليه مشهد ابن عروة بالجامع الأموي لأنه أول من فتحه وكان مشحونا بالحواصل الجامعية. وبنى فيه البركة ووقف على الحديث دروسا ووقف خزائن كتبه فيه ، وكان مقيما بالقدس الشريف ولكنه كان من خواص أصحاب الملك المعظم (١) فانتقل إلى دمشق حين خرّب سور بيت المقدس إلى ان توفي بها وقبره عند قباب طغتكين (٢) قبلي المصلى.
وقال الصلاح الصفدي في كتابه الوافي بالوفيات : المنسوب إليه المشهد محمد ابن عروة شرف الدين الموصلي وإنما نسب إليه لأنه كان يخزن فيه آلات تتعلق بالجامع فعزّله وبيضه وعمل له المحراب والخزانتين ووقف فيهما كتبا وجعله دار حديث ، توفي رحمهالله تعالى سنة عشرين وستمائة ، وأول من ولي مشيخته الفخر بن عساكر ابو منصور الدمشقي. قال ابن كثير في تاريخه في سنة عشرين وستمائة : فخر الدين بن عساكر عبد الرحمن بن محمد بن الحسن ابن هبة الله بن عساكر ابو منصور الدمشقي شيخ الشافعية بها اشتغل من صغره بالعلم على شيخه قطب الدين مسعود النيسابوري (٣) وتزوج بابنته ودرّس مكانه بالجاروخية وبها كان يسكن في إحدى القاعتين اللتين أنشأهما. وبها توفي غربي الإيوان ، ثم ولي تدريس الصلاحية الناصرية بالقدس الشريف ، ثم ولاه الملك العادل تدريس التقوية وكان عنده من الأعيان ، ثم تفرغ فلزم المجاورة بالجامع في البيت الصغير إلى جانب محراب الصحابة يخلو فيه للعبادة والمطالعة والفتاوى ، وكانت الفتاوى تفد إليه من كل الأقطار ، وكان كثير الذكر حسن السمت ، وكان يجلس تحت قبة النسر في كل يوم اثنين وخميس مكان عمه لا سماع الحديث بعد العصر ، فيقرأ دلائل النبوة وغيره. وكان يحضر مشيخة دار الحديث النورية ، ومشهد ابن عروة اول ما فتح ، وقد استدعاه الملك العادل لما عزل قاضيه زكي الدين بن الزكي (٤) فأجلسه إلى جانبه وقت السماط وسأل منه أن يلي القضاء بدمشق ، فقال حتى أستخير الله
__________________
(١) شذرات الذهب ٥ : ١١٥.
(٢) شذرات الذهب ٤ : ٦٥.
(٣) شذرات الذهب ٤ : ٢٦٣.
(٤) شذرات الذهب ٥ : ٧٣.