تعالى ، ثم امتنع من ذلك فشقّ على السلطان امتناعه ، وهم أن يؤذيه فقيل له : احمد الله الذي في بلادك مثل هذا. ولما توفي العادل (١) وأعاد ابنه المعظم الخمور انكر عليه الشيخ فخر الدين ، فبقي في نفسه منه ، فانتزع منه تدريس الصلاحية التي بالقدس وتدريس التقوية ولم يبق معه سوى الجاروخية ودار الحديث النورية ومشهد ابن عروة ، وكانت وفاته يوم الاربعاء بعد العصر عاشر رجب من هذه السنة وله خمس وستون سنة ، وصلي عليه بالجامع وكان يوما مشهودا ، وحملت جنازته إلى مقابر الصوفية فدفن بها في أولها قريبا من شيخه قطب الدين مسعود ، انتهى ملخصا.
وقال الذهبي في العبر : وكان له مصنفات في الفقه لم تنشر. وقال الأسدي في تاريخه في سنة عشرين وستمائة : الشيخ فخر الدين بن عساكر عبد الرحمن ابن محمد بن الحسن بن عبد الله بن الحسين الإمام المفتي فخر الدين ابو منصور الدمشقي الشافعي ابن عساكر شيخ الشافعية بالشام ولد في شهر رجب سنة خمسين وخمسمائة وسمع من عمّيه الصائن (٢) والحافظ أبي القاسم (٣) وحسان الزيات (٤) وأبي المكارم بن هلال (٥) وأبي المعالي بن صابر (٦) وجماعة وتفقه على الشيخ قطب الدين النيسابوري حتى برع في الفقه ، وزوجه القطب بابنته ، وولي تدريس الجاروخية ثم الصلاحية بالقدس ثم تدريس العزيزية. وكان عنده بالتقوية فضلاء الوقت حتى كانت تسمى نظامية الشام. وهو أول من درس بالعذراوية في سنة ثلاث وتسعين وكان يقيم بالقدس الشريف أشهرا وبدمشق الشام أشهرا ، وكان لا يمل الشخص من النظر إليه لحسن سمته ، واقتصاده في لباسه ، ولطفه ونور وجهه ، وكان لا يخلو لسانه من ذكر الله تعالى ، وكان يسمع عليه تحت قبة النسر ، وهو المكان الذي كان يسمع فيه على الحافظ أبي القاسم عمه ، وكان العادل قد طلبه لتولية القضاء فألح عليه فامتنع وأصرّ على
__________________
(١) شذرات الذهب ٥ : ٦٥.
(٢) شذرات الذهب ٤ : ٢٠٧.
(٣) شذرات الذهب ٤ : ٢٣٩.
(٤) شذرات الذهب ٤ : ١٨٨.
(٥) شذرات الذهب ٤ : ٢١٥.
(٦) شذرات الذهب ٤ : ٢٥٦.