وعلى هذا فإن مؤلف هذا الكتاب عاصر ابن جبير (١) ؛ إلا أن ما أورده من أوصاف لبعض المعالم التاريخية بمكة المكرمة والمدينة المنورة يختلف تماما عما أورده ابن جبير. ولعل ذلك يرجع إلى ما قيل عن مؤلف الاستبصار ما ذكره محقق كتاب الاستبصار حول مؤلفه ؛ إذ يفترض أن للكتاب مؤلفين أحدهما مجهول والآخر هو أبو الفضل جعفر بن محمد بن علي بن طاهر ابن تميم القيسى المعروف بابن محشرة أحد كتاب الموحدين الذي أعاد ترتيب الكتاب وأضاف إليه من الأحداث المعاصرة له. أما الدكتور / محمد المنوني فأكد أن الكتاب لمؤلفين. وأضاف أن الثاني كان يعيش في سنة ٥٨٨ ه / ١١٩٢ م. كما أشارت الدكتورة / ليلى نجار أن المؤلف الثاني لهذا الكتاب قد قام بإهدائه إلى أبي عمر ابن أبي يحيى بن وقتين وهو أحد كبار رجال الدولة الموحديه ، بعد أن قام بترتيبه وتنقيحه ووضع المقدمة له وقد أيدت ما ذهب إليه الدكتور / المنوني من أن من قام بهذا العمل أحد كتاب المنصور الموحدي (٢).
وهو ما نميل إليه أيضا خاصة وأن التجيبي ينقل نصوصا ظهر لنا من مقارنتها إنها من كتاب الاستبصار لا سيما وإننا قد وجدنا تطابقا فيما وصفه التجيبي وصاحب الاستبصار في بعض الأماكن أشرت إليها في مواضعها (٣).
وفي نقله يصرح أحيانا بأنه ناقل عن شخص نعته بالأديب الكاتب أبي العباس ابن عبد الرؤوف. وأحيانا لا يصرح بذلك وفي كلا الحالتين وجدت تطابقا في
__________________
(١) المصدر السابق : المقدمة ، ص ب ، ث.
(٢) مؤلف مجهول : الاستبصار ، المقدمة ، ص ب ، ث ؛ محمد المنوني : الاستبصار في عجائب الأمصار ، الجزيرة العربية في الجغرافيات والرحلات المغربية وما إليها. مصادر تاريخ الجزيرة العربية ، ج ٢ ، ص ٣٠٨ ؛ ليلى أحمد نجار : المغرب والأندلس في عهد المنصور الموحدي. ص ٢٤ ـ ٢٥ ، رسالة دكتوراه.
(٣) انظر التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ١٢ ـ ١٣ ، ٢٤٣.