ويتصدر الشيخ هذه الحلقات وحوله طلبة العلم يسمعونه ويناقشونه ويناقشهم ، واستعملت بهذه الحلقات طريقة الإملاء والقراءة ودراسة الرواية والدراية والمناظرة كطريقة للتعليم (١).
وطبيعي أن تتعدد الحلقات العلمية بتنوع العلماء حيث أشار ابن جبير إلى كثرتها (٢).
ولا ريب أن مكة المكرمة والمدينة المنورة مبدأ ومنتهى الحركة العلمية بسبب الرحلات السنوية للحج والزيارة. وهذه ميزة انفردت بها عن سائر الأقطار الإسلامية. فهي بذلك ملتقى العلماء ووسيلة مهمة لنقل الكتب إلى مختلف البلاد الإسلامية حتى قيل إن بعض العلماء إذا افتقد كتابا ولم يستطع الحصول عليه رغم تطوافه في البلدان لجأ إلى الإعلان عنه في الحج طمعا في معرفة مكانه أو كيفية الوصول إليه (٣).
وأدت شهرة علماء مكة المكرمة في مختلف الأقطار الإسلامية إلى الإجابة على كل ما يردهم من أسئلة واستفسارات (٤). ولا شك أن مجيء العلماء لمكة المكرمة لم يكن للحج فقط ، بل لطلب العلم والاستزادة منه فأصبحوا رسلا لنشر العلم والثقافة بين البلاد الإسلامية (٥). كما كانت شهرة العالم مقصدا لطلبة العلم في كل مكان يصله (٦) وأدت بالتالي إلى انتشار مؤلفاتهم في العالم
__________________
(١) السيوطي : تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي ، ج ٢ ، ص ١٣٢ ـ ١٣٩ ؛ عبد الرحمن الحوت : رسالة المسجد والإمام ، بحوث مؤتمر رسالة المسجد ، ص ١٥٢ ـ ١٥٣.
(٢) ابن جبير : الرحلة ، ص ٦٨ ، ٧٢.
(٣) ياقوت الحموي : معجم الأدباء ، ج ١٦ ، ص ١٠٢ ؛ أحمد شلبي : موسوعة النظم والحضارة الإسلامية ، ج ٥ ، ص ٣١٤.
(٤) الفاسي : العقد الثمين ، ج ٢ ، ص ٥٦.
(٥) أبو علي الهجرى : أبو علي الهجري وأبحاثه في تحديد المواضع ، ص ١٠.
(٦) الخشني : قضاة قرطبة ، ص ٥٣ ـ ٥٤ ؛ شوقي ضيف : عصر الدول والإمارات ، الجزيرة العربية ، ص ٦٢ ـ ٦٣.