بينما نجد أن التجيبي السبتي قد جمع بين الرحلة الوصفية والعلمية مع حرصه على تغطية الجانب الوصفي بكل أبعاده. وإضافة التعاريف اللغوية لأسماء بعض المدن التي مر عليها مثل جدة ومكة المكرمة (١) بشيء من التوسع.
أما الرحالة ابن جابر الوادي آشي فرحلته تعد من الرحلات العلمية الصرفة لما اشتملت عليه من تراجم العلماء والشيوخ الذين إلتقى بهم. وبهذا فرحلته تعد من الرحلات المعروفة بالبرامج.
بينما نجد أن الرحالة ابن بطوطة كان نموذجا فريدا للرحالة المغاربة والأندلسيين ، وعلى يديه أخذت الرحلة المغربية والأندلسية شكلها النهائي. فمن بين سطور رحلته يظهر لنا ابن بطوطة الفقيه وعالم الاجتماع والاقتصادي والجغرافي ، فاجتمعت له بذلك العديد من الصفات ، وربما يعود ذلك إلى كثرة تنقلاته واتصالاته بالناس مما أدى إلى اتساع أفقه ومداركه.
أما الرحالة البلوي فكانت عنايته بالجانب الأدبي. ويعد أسلوبه من النثر البليغ ، مع اهتمامه بالدواوين الشعرية المعروفة في عصره ، واعتماده في تدوين رحلته على أهم الخصائص والأسس التي سار عليها سلفه من الرحالة المغاربة والأندلسيين.
ومن المميزات التي عرفت لكل رحالة ما قام به ابن جبير من كتابته لرحلته على هيئة مذكرات يومية. ومنهم من أملى رحلته من الذاكرة كابن بطوطة أو من كتبها أثناء رحلته وعقب عودته قام بتحريرها وتنقيحها ، ومنهم من تركها على حالها إلى أن وصلتنا دون تحرير أو تنقيح إلا في مواضع قليلة زاد عليها كابن رشيد ، مما يؤكد أنهم يراجعون رحلاتهم عقب عودتهم.
ومنها أيضا قيام بعضهم بذكر المسافات المقطوعة بين كل مرحلة ومرحلة أو مدينة وأخرى بالفراسخ والأميال كابن جبير ومنهم من ذكرها بعدد الأيام تعبيرا عن المسافة التي قطعت كابن بطوطة.
__________________
(١) التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٢١٨ ، ٢٣٠ ـ ٢٣٢.