أن معاوية لما قدم المدينة لقيه أبو قتادة الأنصاري ، فقال معاوية : تلقاني الناس كلّهم غيركم يا معشر الأنصار ، فما يمنعكم أن تلقوني؟ قال : لم يكن لنا دوابّ ، فقال معاوية : فأين النواضح؟ فقال أبو قتادة : عقرناها في طلبك وطلب أبيك يوم بدر.
وقال : ثم قال أبو قتادة : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «أما (١) إنكم سترون أثرة بعدي» ، قال معاوية : فما أمركم؟ قال : أمرنا أن نصبر حتى نلقاه ، قال : فاصبروا حتى تلقوه ، فقال عبد الرّحمن بن حسان حين بلغه ذلك [٧٠١٠] :
ألا أبلغ معاوية بن حرب |
|
أمير المؤمنين ثنا كلامي |
فإنّا صابرون ومنظروكم |
|
إلى يوم التغابن والخصام |
أخبرنا أبو الحسن أحمد بن أحمد بن قبيس ، أنا أبو الحسن بن أبي الحديد ، أنا جدي أبو بكر ، أنا أبو بكر الخرائطي ، نا نصر بن داود ، نا أبو عبيد القاسم بن سلّام ، نا محمّد بن كثير ، عن الأوزاعي بإسناد لا أحفظه : أن يزيد بن معاوية قال لأبيه معاوية (٢) : ألا ترى إلى عبد الرّحمن بن حسان يشبب بابنتك؟ فقال معاوية : وما قال؟ قال : يقول :
هي (٣) زهراء منك لؤلؤة الغواص |
|
ميزت من جوهر مكنون |
فقال معاوية : صدق ، فقال يزيد : فإنه يقول :
فإذا ما نسبتها لم تجدها |
|
في سناء من المكارم دون |
فقال معاوية : صدق ، قال : فإنه يقول :
ثم خاصرتها إلى القبة الخضراء |
|
تمشي في مرمر مسنون (٤) |
__________________
(١) في م : «لنا» بد «أما» وليست فيها من كلام رسول الله (ص).
(٢) الخبر والأبيات في الكامل للمبرد ١ / ٣٨٩ وفيه في رواية أخرى نسب الأبيات إلى أبي دهبل في امرأة شامية. وأكثر المصادر على أن الشعر لأبي دهبل.
وانظر الرواية والأبيات في الأغاني ١٥ / ١٠٩ ضمن أخبار الخنساء ، ونسبت الأبيات إلى عبد الرحمن بن حسان قالها مشببا بأخت معاوية.
والشعر والشعراء ص ٣٠٣ والأبيات لعبد الرحمن بن حسان قالها في ملة بنت معاوية.
(٣) في الشعر والشعراء والكامل للمبرد : وهي زهراء ، وبذلك يتخلص البيت من الحرم.
(٤) المسنون المصبوب على استواء ، قاله المبرد في الكامل وبهامشه : قال حمزة في التنبيهات : هذا سهو إنما يصب ما كان مائعا.
والمرمر : الحجارة.