الكريم على حقيقة التنزيل.
وقد رأينا ـ فيما تقدّم ـ إصرار عمر بن الخطّاب على أنّها من القرآن ، وحمله الصحابة بالأساليب المختلفة على كتابتها وإثباتها في المصحف كما انزلت : وقوله : « والذي نفسي بيده لولا أن يقول الناس : زاد عمر في كتاب الله لكتبتها ... » وكل ذلك صريح في أنّها كانت من القرآن وممّا لم ينسخ ، وإلاّ لما أصرّ عمر على ذلك ، ولما جاز له كتابتها في المصحف الشريف.
ومن هنا قال الزركشي : « إنّ ظاهر قوله : لولا أن يقول الناس ... أنّ كتابتها جائزة وإنّما منعه قول الناس ، والجائز في نفسه قد يقوم من خارج ما يمنعه ، وإذا كانت جائزة لزم أن تكون ثابتة ، لأنّ هذا شأن المكتوب.
وقد يقال : لو كانت التلاوة باقية لبادر عمر ـ رضي الله عنه ـ ولم يعرّج على مقال الناس ، لأنّ مقال الناس لا يصلح مانعاً.
وبالجملة ، فهذه الملازمة مشكلة ، ولعلّه كان يعتقد أنّه خبر واحد والقرآن لا يثبت به وإن ثبت الحكم ... » (١).
ومن هنا أيضاً : أنكر ابن ظفر (٢) في كتابه ( الينبوع ) عدّ آية الرجم ممّا زعم أنّه منسوخ التلاوة وقال : « لأنّ خبر الواحد لا يثبت القرآن » (٣).
__________________
(١) البرهان ٢ : ٣٩ ـ ٤٠ ، الإتقان ٢ : ٦٢.
(٢) وهو : محمد بن عبدالله بن ظفر المكي ، له : ينبوع الحياة في تفسير القرآن ، توفي سنة ٥٦٥. وفيات الأعيان ١ : ٥٢٢ ، الوافي بالوفيات ١ : ١٤١ وغيرهما.
(٣) البرهان ٢ : ٣٩ ـ ٤٠ ، الإتقان ٢ : ٢٦.