التي هي من أولى الصفات المؤهّلة للإمامة وقيادة الأمّة بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
* * *
وتوفّي النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وتقمّص الذين كان يلهيم الصفق بالأسواق عن تعلّم القرآن وأحكام الدين ـ حتى أبسط مسائله اليومية ـ الخلافة ، وآل أمرها إلى ما آل إليه ... فقام سيّدنا أمير المؤمنين عليهالسلام مقام النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في حفظ الكتاب والسنّة وتعليمهما الناس ، والترغيب فيهما ، والحثّ عليهما ... فهو من جهة كان يبادر إلى جمع القرآن مضيفاً إليه ما سمعة من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حول آياته من التفسير والتأويل وغير ذلك ، ويدرّس جماعة من أهل بيته وأصحابه ومشاهير الصحابة ممّا وعاه عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من علوم الكتاب والسنّة ، حتى كان من أعلامهم الحسن والحسين عليهماالسلام ، وعبدالله بن العبّاس ، وعبدالله بن مسعود ، وأمثالهم.
ومن جهة اخرى يراقب ما يصدر عن الحكّام وغيرهم عن كثب ، كي ينفي عن الدين تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين.
فكان عليهالسلام المرجع الأعلى لعموم المسلمين في جميع أمورهم الدينية لا سيّما المعضلات ، حتى اضطرّ بعض أعلام الحفّاظ إلى الإعتراف بذلك وقال : « وسؤال كبار الصحابة له ، ورجوعهم إلى فتاواه وأقواله ، في المواطن الكثيرة ، والمسائل المعضلات ، مشهور » (١).
وهكذا ... كان سعي أمير المؤمنين عليهالسلام في حفظ القرآن بجميع معاني الكلمة ، وهكذا كان غيره من أئمّة أهل البيت عليهمالسلام.
وكان الإهتمام بالقرآن العظيم من أهمّ أسباب تقدّم الإسلام ورقيّ المسلمين ، كما كان التلاعب بالعهدين من أهم الامور التي أدّت إلى انحطاط اليهود والنصارى ، فأصبح الهجوم على القرآن نقطة التلاقي بين اليهود والنصارى وبين المناوئين للإسلام والمسلمين ، لأنّهم إن نجحوا في ذلك فقد طعنوا الإسلام في الصميم.
__________________
(١) تهذيب الأسماء واللغات ، للحافظ النووي ١ : ٣٤٦.