عاص ردّه إلى دمشق في التاريخ الذي تقدم ، وعرف محمّد بن أبي طالب عوده سار للقائه ، وسارع ابن أبي طالب إلى دمشق ، وتسلّط بها هو والأحداث ، ولم يبق لأحد معه أمر ، فأرسل إليه ولي العهد في تسكين الفتنة ، فلم يطعه ، فدخل (١) الجند وقبضوا على ابن أبي طالب وقتلوه وصلبوه ، واستقام أمر دمشق لولي العهد فبذل ... (٢) يده في مصادرة أهل دمشق ، فتنكر له سائرهم وأبغضوه ، وأجمع أهل البلد والجند على كراهية ولايته ، فلما مات الحاكم وبويع ابنه بمصر ، فأرسل من مصر إلى الأمراء ، ووجوه الجند بالقبض على ولي العهد ، فسارعوا إلى ذلك ، وحمل مقيدا إلى مصر ، ثم اعتقل في القصر مكرّما مبجلا مدة إلى أن مات ، وولي بعده أبو المطاع بن حمدان.
أخبرنا أبو الحسن الفرضي ، قال : رفع إلى رجل مجير الكتامي شيخ من جند المصريين ورقة فيها أسماء الولاة بدمشق ، فكان فيها : وتسلّم ولي العهد العهد سنة أربع وأربعمائة ، وولى ولي العهد دمشق سنة عشر وأربعمائة ، ودخل دمشق يوم الأحد لاحدى عشرة بقين من شهر ربيع الأول سنة إحدى عشرة.
قرأت بخط أبي محمّد بن الأكفاني ـ مما نقله من خط أبي الحسين الميداني ـ.
وقدم ولي عهد المسلمين عبد الرّحيم بن إلياس بن أحمد بن المعروف بالمهدي إلى دمشق يوم الثلاثاء لأربع وعشرين ليلة خلت من جمادى الآخرة سنة عشر وأربعمائة ، فنزل في المزّة بعد صلاة الظهر ، وكان له يوم عظيم ، وذلك لسبع وعشرين ليلة خلت من تشرين الأول ، ودخل القصر يوم الاثنين مستهل رجب ، فأقام إلى يوم الأحد لثلاث وعشرين ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة إحدى عشرة وأربعمائة ، فنهب وقتل في القصر ممن كان معه عالم ، وساروا به يوم الجمعة ضحوة نهار لثمان وعشرين ليلة خلت من شهر ربيع الأول فكان مدة مقامه تسعة أشهر وخمسة أيام ، ورجع إلى دمشق يوم الاثنين لأربع وعشرين ليلة من رجب سنة إحدى عشرة وأربعمائة ، ونزل في القصر وقدم ابن داود المقرئ على نجيب من مصر ومعه خدم يوم الأحد ، وكان يوم عرفة بين الصلاتين ، ومعه سجل إلى ولي العهد ، فجرى بينه وبينه كلام إلّا أنه أخرج ولي العهد من القصر ، وضرب له خيمة وأخذ قواته ، ولما كان في غد هذا اليوم ـ وهو يوم العيد ـ لم يصلّ صلاة العيد لا في المصلّى ولا في الجامع ، ولا خطب لأحد البتة ، وساروا به إلى المزّة في هذا اليوم متوجهين إلى مصر ، وبلغني أن ولي العهد اعتقل في
__________________
(١) الأصل : فدخلوا.
(٢) كلمة غير واضحة ورسمها : «حسد».