الأكفاني ـ شفاها ـ عن أبي محمّد الكتاني عنه ، أنا أبو علي الحسن (١) بن منير بن محمّد التّنوخي ـ قراءة عليه ـ نا أبو عبد الله جعفر بن محمّد بن سعيد بن شعيب من بجّ (٢) حوران ، نا أبو محمّد عبد الرّحيم بن (٣) محمّد بن علي الأنصاري المؤذّن من ولد حنظلة الغسيل قال :
اتفقنا مشايخ من دمشق فينا أحمد بن أبي الحواري ، وقاسم بن عثمان الجوعي ، وذكرني (٤) بن العلاء ، وأبو مسعود بن أبي جميل ، وحسن بن شوذب (٥) ، وجماعة المشايخ ، فمضينا يوم الخميس ليلة الجمعة نبيت عند أبي سليمان الدّاراني ، فخرجنا من باب الجابية حتى جئنا إلى قينية (٦) وعدلنا إلى الطريق نريد أن نمر إلى داريا. فلما بلغنا المزابل ـ مزابل قينية (٧) ـ إذا بأبي سليمان مقبل على حمار بسرج والرسن بيده وهو منكس رأسه ، وعليه قباء (٨) ، وشعره إلى شحمة أذنيه ، وقد صفّر لحيته ، فوقفنا جماعتنا ومعنا أم هارون الخراسانية وتلميذها أبو الفقير فوقف في وسطنا ، فقلنا : سلام عليك ، فقال : وعليكم السلام ، أين تريدون؟ فقلنا : إليك أردنا ، فلوى برأس حماره يريد أن يرجع ، فأخذنا برأس دابّته فقلنا : هذا باب الجابية لا ندعك تمرّ ، الحمد لله الذي جاء بك ، فوقف علينا. وأحطنا به خلقا من الخلق (٩) ، ثم التفت فنظر إلى أم هارون (١٠) ، فصاح : يا قاسم من هذه المرأة؟ قال : مرأة (١١) خراسانية تعرف بأم هارون ، فسكت ساعة ثم التفت فصاح : يا أحمد ، فقلنا : لبيك يا معلم ، فقال : قل لها : أتحبين (١٢) الموت؟ فقالت : لا ، فأطرق عنها ساعة ثم قال : يا أحمد ، قل لها ولم تكره لقاء الله؟ فأطرقت ساعة ثم رفعت رأسها فقالت : يا أبا سليمان ، والله لو عاديت آدميا لكرهت لقاءه فكيف أريد لقاء الله عزوجل وأنا عاصية له ، فصاح أبو سليمان صيحة وقع عن حماره وأقبل يتمرغ في الأرض ، ووقع أحمد وجماعة من مشايخنا ثم أفاق أبو سليمان فصاح :
__________________
(١) بهذا الإسناد الرواية في المطبوعة : تراجم النساء : ضمن أخبار أم هارون الخراسانية ص ٥٥٣.
(٢) بدون إعجام بالأصل ، والصواب ما أثبت عن معجم البلدان.
(٣) في مطبوعة تراجم النساء : عبد الرحيم بن علي بن محمّد الأنصاري.
(٤) كذا بالأصل ، وفي مطبوعة تراجم النساء : ذكرى.
(٥) ترجم له ابن عساكر ، راجع تراجم من اسمه الحسن.
(٦) قينية : قرية كانت مقابل الباب الصغير من مدينة دمشق (معجم البلدان).
(٧) الأصل : قينه ، تصحيف ، والصواب ما أثبت ، انظر الحاشية السابقة.
(٨) في مطبوعة تراجم النساء : عباء.
(٩) في المطبوعة تراجم النساء : من الخلق كثير.
(١٠) هي أم هارون الخراسانية ، من النسوة المتعبدات ، كانت استاذة أبي سليمان الداراني.
(١١) في تراجم النساء : امرأة.
(١٢) عن تراجم النساء ، وبالأصل : تحبي.