قال مجاهد : ثم أقبل عليّ عبد الله بن عمر فقال : يا مجاهد إذا أصبحت فلا تحدّث نفسك بالسماء ، وخذ من حياتك لموتك ، ومن صحّتك لسقمك ، فإنّك لا تدري ما اسمك غدا.
أنبأنا أبو السعادات أحمد بن أحمد بن عبد الواحد المتوكّلي ، وأبو غالب شجاع بن فارس الذهلي ، وأبو الحسن محمّد بن مرزوق بن عبد الرزاق ، قالوا : أنا أبو بكر الخطيب ، قال : أنشدني أبو غانم عبد الرزّاق بن أبي حصين بن عبد الله بن المحسن التنوخي القاضي من أهل معرّة النعمان بدمشق لنفسه يصف كوز الفقّاع (١) :
ومحبوس (٢) بلا جرم جناه |
|
له سجن (٣) بباب من رصاص |
يضيّق بابه خوفا عليه |
|
ويوثق بعد ذلك بالعفاص |
إذا أطلقته خرج ارتقاصا |
|
وقبّل فاك من فرج الخلاص |
أنشدني أبو الفتح المفضل بن أبي غانم بن محمّد التنوخي المحتسب بدمشق ، وأنا سألته ، أنشدنا أبي أبو غانم لنفسه ، فذكر هذه الأبيات الثلاثة بعينها.
قرأت بخط أبي الفرج غيث بن علي قال :
وسألته ـ يعني أبا غانم ـ عن مولده ، فقال : في سنة ثمان عشرة (٤) وأربعمائة بالمعرّة.
وقرأت بخطّه أيضا ، قال : وحدثني ولد القاضي أبي غانم المقرئ بدمشق أن والده شيخنا القاضي أبا غانم توفي بالمعرّة سنة تسع وثمانين وأربعمائة ، وقد بلغ من السن ثلاثا (٥) وستين سنة.
سألت أبا الفتح بن أبي غانم عن وفاة أبيه فقال :
في شهر ربيع الأول سنة إحدى وتسعين وأربعمائة بالمعرّة قبل هجمة الإفرنج خذلهم الله بيسير.
__________________
(١) الفقاع : الشراب يتخذ من الشعير ، سمّي به لما يرتفع في رأسه ويعلوه من الزبد (تاج العروس ، بتحقيقنا. مادة فقع).
(٢) الوافي بالوفيات ١٨ / ٤٠٧.
(٣) في الوافي : له حبس.
(٤) بالأصل : ثمان عشر.
(٥) بالأصل : ثلاثة.