أتى العباس وعلي أبا بكر لما استخلف ، فجاء عليّ يطلب نصيب فاطمة ، وجاء العباس يطلب عصبته مما كان في يد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وكان في يده نصف خيبر ثمانية عشر سهما ، وكانت ستة وثلاثين سهما وأرض بني قريظة (١) وفدك ، فقالا : ادفعها إلينا ، فإنها كانت في يد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال لهما أبو بكر : لا أرى ذلك ، إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يقول : «إنّا معاشر الأنبياء لا نورّث ، ما تركنا فهو صدقة» [٧٣٤٩] ، فقام قوم من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فشهدوا بذلك ، قالا : فدعها تكون في أيدينا تجري على ما كانت في يد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قال : لا أرى ذلك أنا الوالي من بعده ، وأنا أحقّ بذلك منكما ، أضعها في موضعها الذي كان النبي صلىاللهعليهوسلم يضعها فيه ، فأبى أن يدفع إليهما شيئا.
فلما ولي عمر أتياه قال : فإنّي لعند عمر وقد أتاه مال ، قال : فقال : خذ هذا المال فاقسمه في قومك بني فلان إذ جاء الآذن ، فقال : بالباب أناس من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قال : ائذن ، فدخلوا ، قال : ثم أتاه فقال : عليّ والعباس بالباب ، فقال : ائذن لهما ، فدخلا فقال عمر : ما جاء بكما إليّ؟ قد طلبتماه من أبي بكر فدفعته (٢) إليكما قال : فترددوا عليه فيها فلما رأى ذلك قال : أدفعها إليكما على أن آخذ عليكما عهد الله وميثاقه أن تعملا فيها كما كان يعمل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فخذاها ، فأعطاهما ، فقيضاها ، ثم مكثا ما شاء الله ، ثم إنّهما اختصما فيما بينهما ـ فيها ، قال : فجاءا (٣) عمر وعنده أناس من أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم ، فاختصما بين يديه ، فقالا ما شاء الله أن يقولا ، فقال بعض أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم : يا أمير المؤمنين اقض بينهما ، وارح كلّ واحد منهما من صاحبه ، فقال : والله لا أقضي فيها أبدا إلّا قضاء قد قضيته ، فإن عجزتما عنها فرداها إليّ كما دفعتها إليكما ، فقاما من عنده.
فلما ولي عثمان أتياه فيها وأنا عنده فقال : أنا أولى ، وأنا أحقّ بها منكما جميعا ، فلما سمع ابن عباس قوله أخذ بيد أبيه فقال : قم هاهنا ، فقال : أين تقيمني ، قال : بلى ، قم أكلمك ، فإن قبلت وإلّا رجعت إلى مكانك ، فقام معه ، فقال له : دعها تكون في يد ابن أخيك فهو خير لك من أن تكون في بعض بني أمية ، فخلّاها العباس ، ودفعها إلى عليّ ، فلم تزل في يد ولده حتى انتهت إلى عبد الله.
__________________
(١) الأصل : قريضة.
(٢) كذا بالأصل ، وفي المختصر ١٥ / ١٤٤ «فأبى أن يدفعه إليكما» وهو الأظهر.
(٣) الأصل : «فجا».