وبلخ ، ومصر إلى ما وراء النهر ، وطوف فاستفاد ، وحدّث فأفاد ، وأحيا ذكر سلفه ، وأبقى ثناء صالحا لخلفه ، وآخر ما ورد عليّ من أخباره كتاب كتبه بخطه وأرسل به إليّ سمّاه : «كتاب فرط الغرام إلى ساكني الشام» في ثمانية أجزاء ، كتبه سنة ستين وخمسمائة يدلّ على صحة ودّه ، ودوامه على حسن عهده ، ضمّنه قطعة من الأحاديث المسانيد ، وأودعه جملة من الحكايات والأناشيد ، فذكرني حسن صحبته ، ودلّني على صحة محبته ، وهو الآن شيخ خراسان غير مدافع عن صدق ومعرفة وكثرة (١) سماع لأجزاء ، وكتب مصنفة ، والله يبقيه لنشر السنة ، ويوفقه لأعمال أهل الجنة.
حدثنا أبو سعد (٢) بن السمعاني بدمشق في الجامع ، أنا أبو بكر عبد الغفار بن محمّد الشيروي فيما قرئ عليه وأنا حاضر بنيسابور ، أنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن الحرشي (٣) ، نا أبو العباس محمّد بن يعقوب الأصم ، نا أبو يحيى زكريا بن يحيى ، نا سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن أنس بن مالك ، قال (٤) :
قال رجل : يا رسول الله متى الساعة؟ قال : «وما أعددت لها؟» فلم يذكر كثيرا (٥) إلّا أنه يحب الله ورسوله ، قال : «فأنت مع من أحببت» [٧٣٩٨].
أنبأنا أبو سعد الإمام الخطيب ، أنشدنا أبو عبد الله محمّد بن عبد الواحد بن محمّد الدقاق الحافظ من لفظه بمرو ، أنشدنا الرئيس أبو الكفاة معمر بن علي الكرماني لنفسه :
أجيران بيتنا السلام عليكم |
|
تحية مشتاق بحقّ إليكم |
لكم عاد تأخير لأهل ودادكم |
|
دعاء وخير فاحفظوا لنا ذاتكم |
وردوا عليّ القلب حينا فإنني |
|
أعيش بلا قلب ، وقلبي لديكم |
كتب إليّ أبو سعد بخطه لنفسه :
نسيم صبا الوجد بلغ سلامي |
|
إلى ساكني أرض نجد وشآم |
وذكرهم زورة الطاريين حلولا |
|
حلولا بأذيال تلك الخيام |
زمانا نعمنا بروضات عيش |
|
سقتها الغوادي دموع الغمام |
__________________
(١) في سير أعلام النبلاء ٢٠ / ٤٦٠ نقلا عن ابن عساكر : وكثرة رواية وتصانيف.
(٢) في م : سعيد ، تصحيف.
(٣) ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٧ / ٣٥٦.
(٤) رواه الذهبي في سير أعلام النبلاء ٢٠ / ٤٦٣ وانظر تخريجه فيه.
(٥) كذا بالأصل وم ، وفي سير أعلام النبلاء : كبيرا.