الكريم على أن يهجموا مجتمعين على مركز الحكومة المحتلّة الواقع خارج المدينة وأن يقتلوا كلّ من فيه ، فنهضوا نهضتهم فجر يوم الثلاثاء في السادس من جمادى الثانية سنة ١٣٣٦ وهجموا على مقرّ الحكومة وقتلوا الحاكم الإنكليز (الكابتن مارشال) والحارس الهندي فقامت الثورة على ساق وأقفلت أبواب البلدة.
فلمّا بلغ الخبر إلى الحكومة الإنكليزيّة ببغداد أرسلت المهمّات الحربيّة والجيوش الجرّارة وكان عددهم خمسة وأربعين ألف جندي فحفروا الخنادق ومدّوا الأسلاك الشائكة ونصبوا الرشّاشات وقطعوا عنها الماء والمواصلة ودام حصار البلدة أكثر من أربعين يوما وضجّ الناس وشحّت الأرزاق وكظّهم الظمأ وكثر القتلى بين الفريقين ووقف رجال النجف مواقفهم الخطيرة مندفعين عن شمم عربي وحس دينيّ وطني وبذلوا نفوسهم الطاهرة دون كرامة البلدة ، فبعد المدّة المذكورة تمكّنت الحكومة من تفريق كلمة الأهلين والاستيلاء على التلّ الجنوبي وأصبحت تواصل طلقات مدافعها وترمي بقذائفها البلدة من جهة محلّة العمارة حتّى استولت عليها وأرسل قائدهم بيانا إلى الأهلين يحتوي على شروط خمسة :
أوّلا : تسليم الثوّار ومؤسّسي الحركة.
ثانيا : تسليم ألف بندقيّة للحكومة.
ثالثا : تسليم خمسين ألف روبيّة.
رابعا : نفي مائة شخص أو أكثر إلى الهند باعتبارهم أسراء الحرب.
خامسا : محاصرة المدينة وقطع الأرزاق منها حتّى توفّي الشروط الأربعة السابقة ، وما رفع الحصار حتّى استوفاها ولكن بعد أن أضرّ الجوع والعطش بالأهلين والغرباء الزائرين وكان الماء معدوما في البلدة وكان الأهلون يستقون من مياه الآبار المالحة وقد عمّهم الخوف الشديد حيث أنّ الجند محيط بالبلدة ولم يعلم ما يؤول إليه الأمر من الهتك أو الأسر أو القتل ، وقد قتل من الأبرياء عشرة أنفس