هجع رأى في المنام كأنّ أمير المؤمنين عليهالسلام أيضا قد أقبل إلى المحلّ الذي كان فيه ولمّا وقع نظره عليهالسلام إليه قال : مالك قد غممت أيضا في الفكرة والغصص؟ فقام الوالد رحمهالله أيضا وأتى إليه عند الباب ووقع على يديه ورجليه وقال : فديتك نفسي ، إنّ همّي وغمّي في أن يتسلّط أعداؤك على محبّيك وشيعتك فيقتلون بعضهم ويأسرون باقيهم ، فقال عليهالسلام : ولم ذاك؟ قال : لأنّ عسكر المخالفين في غاية من الشوكة والقوّة والاستعداد ، وعسكر الإيرانيّين في غاية من الضعف والقلّة في العدد والعدّة.
فقال له عليهالسلام : هو كما تقول لكنّي بعثت أولادي لنصرتهم وإعانتهم. قال الوالد رحمهالله : فوقع في خاطري أنّه عليهالسلام لو تعلّق رأيه بنصرة محبّيه وخذلان أعدائهم لاستغنى عن إرسال أولاده عليهالسلام فكأنّه عليهالسلام اطّلع على ما جرى في خاطره ، فقال له : أنا أيضا معهم في تلك الإعانة والحماية ، وإن شئت فانظر ، وأشار بإصبعه الشريف إلى سمت فرأيته صحراء عظيمة وفيها تلّ شامخ ممتدّ وخلفه فضاء في غاية الوسعة يجري فيه نهر عظيم والفضاء مملوّ من العسكر والخيم طولا وعرضا إلى مدّ البصر ، فقال عليهالسلام : هذا معسكر العثمانيّين وجمعهم ، وأشار عليهالسلام إلى سمت آخر وقال : ترى؟ قال : لا أرى شيئا إلّا عجاجا مرتفعا ، قال عليهالسلام : هذا غبار عسكرنا وقد قدموا لمقاتلة العثمانيّين ، فلمّا قربوا امتازت الرجالة من الفرسان واشتغلوا بارتياد المنزل وإصلاحه على ما تقتضيه القواعد العسكريّة وقوانين المحاربة ، وصعد جماعة منهم على ذلك التلّ ، فلمّا وقع نظر عسكر العثمانيّين إلى عسكر الإيرانيّين شرعوا في رميهم بالمدافع وخرج من فرسانهم جماعة وحملوا على عسكر الإيرانيّين وقتلوا منهم أكثر من مائة نفس وقطعوا رؤوسهم ورجعوا إلى فئتهم ، فاضطرب عسكر الإيرانيّين وانضمّ بعضهم إلى بعض ورجع جماعة من الفرسان الذين كانوا على التلّ ونزلوا منه.
قال الوالد : فلمّا نظرت إلى ذلك عرضني اضطراب وتشويش عظيم ، فقال عليهالسلام :