جهة الخوف والاضطراب ، فإذا بجمعة الأشقياء وهم في تلك العدّة والقوّة والهيبة والكثرة وقد وصلوا قريبا من باب السور فعطفوا عنان خيولهم واختلفت صفوفهم ورجعوا مغلوبين متفرّقين متشتّتين بحيث ظهر لجميع أهل البلد أنّ هذا الرجوع لم يكن باختيار منهم ، وأنّهم كانوا مقهورين مجبورين في قبال خصم لم يكن لهم قوّة في مقاومته ، إلى أن غابوا عن الأنظار ، وظهر صدق منام الوالد ، فخرجوا جميعا ساجدين شاكرين لله تعالى.
فلمّا رفع الحاكم رأسه عن سجدته وفرغ من البكاء لما عرض من الفرح ، أمر بدواة وقرطاس وسأل منه أن يكتب تلك الرؤيا بخطّه الشريف مع كيفيّة مطابقتها للواقع ومشاهدة صدقها في الخارج ليرسلها مع البريد إلى المعسكر عند نائب السلطنة لتتقوّى قلوبهم من تلك البشارة ، فإنّهم أيضا عدّة قليلة غير متهيّئة في مقابل عسكر عظيم مستعدّ للقتال.
فأخذ الوالد القلم وكتب صورة المنام وكيفيّة صدقه في الخارج في يومه إجمالا ، وذكر في الكتاب : إنّه يظهر من هذه الواقعة أنّ له عليهالسلام نظرة رحيمة إلى شيعته ومحبّيه ولم يقطعها عنهم ، ونرجو منه عليهالسلام أن ينصركم على عدوّكم كما نصر في هذه الواقعة.
وذكر أمثال ذلك ممّا يشرح به الصدر وناول الحاكم الكتاب فأرسله إلى معسكر نائب السلطنة ولمّا فرغت قلوب أهل سلماس من همّ الأكراد وفتكهم أخذوا يتذاكرون كلّ يوم ضعف عسكر إيران وقلّة استعدادهم وجمعهم وقوّة العساكر العثمانيّة وشوكتهم وكثرة عددهم وعدّتهم ، وكان كلّ يوم يأتي الخبر بضعف هؤلاء وقوّة هؤلاء إلى أن قطع الناس بغلبتهم وفتحهم بلاد إيران فعادوا مهمومين مغمومين إلى أن اجتمع جماعة من وجوه البلد ليلة أخرى عند الوالد رحمهالله وتحسّروا على عدم مقاومة الجيش الإيرانيّ للجيوش العثمانيّة وأنّهم لو تغلّبوا عليهم نالوا منهم الأمرين ، فقاموا مغتمّين وعمد الوالد إلى بيت منامه وهو مغمور بفكره ، فلمّا