وسمعوا عنهم ما تنفر عنه طباعهم ولا مقاومة لهم معهم ولا طاقة لهم في مقاتلتهم فإنّ جميعهم فقراء مشغولون بالكسب والتجارة.
فقال عليهالسلام : لا تستوحش ولا تضطرب وطب نفسا فإنّهم لا يتمكّنون من إيصال الأذى إليكم فإنّهم وإن يقصدوكم في جمّ غفير وعزم ثابت ويهجمون على البلد لكنّهم يرجعون القهقرى مغلوبين منكسرين ينقلبون خاسرين خائبين.
فلمّا سمع تلك البشارة منه عليهالسلام استبشر وانتبه فرحا مسرورا فرأى خدمه وأقرباءه وأهل بيته بعد مشغولين بجمع الأموال وإخفائها اضطراب ووحشة ، فصاح عليهم فاجتمعوا عنده فبشّرهم بما بشّره الإمام عليهالسلام فاطمأنّت قلوبهم وطابت نفوسهم ورفعوا الأيدي عن شغلهم وبشّروا جيرانهم وانتشرت البشارة في تلك الليلة إلى جميع البلد من بيت إلى بيت إلى أن وصلت إلى مسامع الحاج محمّد عليخان الحاكم ، ولمّا فرغ الحاكم من صلاة الصبح جمع ما كان له من الخدم والأتباع ثمّ حضر عند دار الوالد وقعد في فنائها فأخبر بذلك ، فخرج إليه ، فقال الحاكم : إنّ أهل البلد يروون لك مناما غريبا فهل له حقيقة؟ فقال : نعم هو صدق ، ففرح وقال : إنّي أرجو من جنابك أن تخرج معنا إلى خارج السور فإنّه سبب لقوّة قلوبنا وقلوب أهل البلد.
فقام الوالد وقام معه الحاكم ومن اجتمع عنده من الوجوه والسوقة وخرجوا من باب البلد واجتمعوا قبل طلوع الشمس في موضع يهجم منه العدوّ ، وأهل البلد يتطلّعون الجهة التي يهجم منها الأكراد ، فبيناهم كذلك وإذا بغمامة سوداء ظهرت مع طلوع الشمس وتوجّهت إلى البلدة ، فلمّا قربت منهم وإذا هم فرسان الأكراد وصفوف عساكرهم وقد ملئ منهم الفضاء الوسيع والصحراء العظيمة ، ولم يبق بينهم وبين البلد إلّا مقدار حضر الفرس ، فزاد اضطراب الجماعة واشتدّ خوفهم ، فصاحوا جميعا وارتفعت أصواتهم ورموا بعض البنادق إلى الهواء ، كلّ ذلك من