كتبريز وخوي وسلماس ، فنهض الأكراد الذين كانوا في أطراف تلك البلاد وانتهزوا الفرصة فغاروا على أطرافها وتوابعها حماية للعساكر الروميّة في الظاهر ظنّا منهم أنّهم يفتحون ممالك إيران ويستولون على أهلها فيكون ذلك تقرّبا منهم إليهم مع ملاحظة منفعتهم فيه وللعداوة التي كانت كامنة في صدورهم.
وشاع هذا الخبر في البلد وكان الحاكم في ذلك الوقت محمّد عليخان من طائفة «قره كوزلو» ولمّا كان البلد خاليا من الجيش النظامي المحافظ ، جمع الحاكم أهل الحرف والصنايع ممّن لم يكن قابلا للخروج مع نائب السلطنة وأمرهم بأن يصطحب كلّ منهم ما عنده من السلاح ويحضر غدا خارج الباب وكان سور البلد من الطين في ارتفاع قليل لا يمنع العدوّ من الدخول ، فاضطرب أهل البلد في ذلك اليوم وليله اضطرابا عظيما واشتغل كلّ نفس بدفن ما كان له من الأموال وإخفائه واجتمع في تلك الليلة جماعة من أعيان البلد وأشرافها عند الوالد المرحوم مهمومين مغمومين فتذاكروا في ما ينزل عليهم العدوّ الذي يزيد عددهم على عشرة آلاف فارس وأهل البلد كلّهم الفقراء الضعفاء الذين لا خبرة لهم بالحروب.
فتحيّروا وتفرّقوا بعد ذلك واشتغل كلّ أحد بإخفاء متاعه ورجع الوالد رحمهالله في البيت الذي كان ينام فيه وآوى إلى فراشه مهموما متفكّرا في عاقبة البليّة العظيمة ونام في تلك الحالة ، فرأى في المنام كأنّ الإمام سيّد الأوصياء أمير المؤمنين عليهالسلام قد دخل البيت الذي كان فيه الوالد فلمّا وقع نظره إليه من بعد ناداه عليهالسلام وقال : ما لي أراك مهموما مغموما متفكّرا منكسر القلب؟ فقام من حينه ومشى إليه عليهالسلام فوافاه عند الباب فوقع على قدميه وقال : فديتك نفسي إنّك تعلم سبب همّي وغمّي وإنّ تشتّت خاطري لهذه البليّة العظمى والداهية الكبرى فإنّ جماعة الأكراد أجمعوا عزمهم على دخول البلد غدا وقتل أهلها وسبي نسائها ونهب أموالها وإنّك تعلم أنّهم أعداء للمذهب وقلوبهم محشوّة ببغض أهل هذه البلدة لما رأوا منهم الأذى