والحروف ، ويجول لتحصيله في البلاد والفيافي والقفار ، وكان بينه وبين الوالد صداقة تامّة ، فأتى إلى سرّ من رأى حين اشتغال الوالد في عمارة مشهد العسكريّين عليهماالسلام فنزل في دارنا فبقي عندنا إلى أن رجعنا إلى مشهد الكاظميّين عليهماالسلام ، ومضى من ذلك ثلاث سنين ، وكان في تلك المدّة ضيفا عندنا.
فقال لي يوما : قد ضاق صدري وانقضى صبري ولي إليك حاجة ورسالة تؤدّيها إلى والدك المعظّم.
فقلت : وما هي؟
قال : رأيت في النوم في تلك الأيّام التي كنّا بسامرّا مولانا الحجّة عجّل الله فرجه ، فسألت عنه الكشف عن العلم الذي صرت له عمري وحبست في تحصيله نفسي ، فقال : هو عند صاحبك ، وأشار إلى والدك ، فقلت : هو يستر عليّ سرّه ولا يكشف حقيقته ، قال عليهالسلام : ليس كذلك ، أطلب منه فإنّه لا يمنعك منه. فانتبهت فقمت إليه فوافيته مقبلا إليّ في بعض أطراف الصحن المقدّس ، فلمّا رآني ناداني قبل أن أتفوّه بالكلام ، فقال : لم شكوتني عند الحجّة عليهالسلام؟ متى سألتني شيئا كان عندي فبخلت به؟ فطأطأت رأسي خجلا ولم أكن أعتقد أنّه نظر في هذا العلم شيئا ولم أسمع منه في مدّة مصاحبتي معه من هذا العلم حرفا ، ولم أقدر على الجواب بعد ما ونجني عليه ، وإلى الآن ثلاث سنين وقد وقفت نفسي على ملازمته ومصاحبته لا هو يسألني عن مقصدي ويعطيني ما أحاله الإمام عليهالسلام عليه ، ولا أنا أقدر على السؤال منه ، وإلى الآن ما ذكرت ذلك لأحد ، فإن رأيت أن تكشف كربي ولو باليأس من المرام فإنّ الله لا يضيع أجر المحسنين.
قال سلّمه الله : فبقيت متعجّبا من تلك القضيّة ومن جميل ما سمعت ، وقلت : من أين علمت أنّه شكا في النوم إلى الإمام عليهالسلام؟ فقال هو عليهالسلام : قال لي في النوم ، ولم يذكر تفصيل نومه. فقلت : ولم لا تقضي حاجته؟ قال : وأنا متعجّب من تلك