الأجلّ الأعظم الشيخ زين العابدين السلماسي ـ المتقدّم ـ قال : لمّا اشتدّ بالسيّد مرضه الذي توفّي فيه قال لنا ـ وكنّا جماعة ـ : أحبّ أن يصلّي عليّ الشيخ الجليل الشيخ حسين نجف الذي يضرب بكثرة زهده وعبادته وتقواه المثل ، ولكن لا يصلّي عليّ إلّا جناب العالم الربّاني الميرزا مهدي الشهرستاني وكان له صداقة تامّة مع السيّد رحمهالله.
فتعجّبنا من هذه الإخبار ، لأنّ الميرزا الشهرستاني كان حينئذ في كربلا ، فتوفّي السيّد رحمهالله بعد هذه الإخبار بزمان قليل واشتغلنا بتجهيزه ، وليس عن الميرزا المزبور خبر ولا أثر ، وكنت متفكّرا لأنّي لم أسمع مدّة مصاحبتي معه قدسسره كلاما غير محقّق ، ولا خبرا غير مطابق ، فتحيّرت في وجه المخالفة إلى أن غسلناه وكفنّاه وحملناه وأتينا به إلى الصحن الشريف للصلاة والطواف ، ومعنا وجوه المشايخ وأجلّة الفقهاء كالبدر الأبرز الشيخ جعفر الكبير ، والشيخ حسين المذكور وغيرهما ، وحان وقت الصلاة ، فضاق صدري بما سمعت.
فبينما نحن كذلك وإذا بالناس ينفرجون عن الباب الشرقي ، فنظرت فرأيت السيّد الأجل الشهرستاني قد دخل الصحن الشريف وعليه لباس المسافر وآثار تعب الطريق ، فلمّا وافى الجنازة قدّمه المشايخ لاجتماع أسباب التقدّم فيه ، فصلّى عليه وصلّينا معه مسرور الخاطر ، منشرح الصدر ، شاكرا لله تعالى بإزالة الريب عن قلوبنا ثمّ ذكر لنا أنّه صلّى الظهر في مشهد الحسين عليهالسلام وفي رجوعه إلى بيته في وقت الظهيرة وصل إليه كتاب من النجف يخبره بيأس الناس عن حياة السيّد رحمهالله. قال : فدخلت البيت وركبت بغلة كانت لي من غير مكث فيه وفي الطريق إلى أن صادف دخولي في البلد حمل جنازته قدّس الله سرّه.
قال : وحدّثني بهذه الحكاية الأخ الصالح المتقدّم عن المولى المذكور.