لأتفقّد حاله ، فرأيت باب الحجرة مغلقا ، فنظرت من شقّ الباب وإذا السراج بحاله وليس فيه أحد ، فدخلت الحجرة فعرفت من وضعها أنّه ما نام في تلك الليلة.
فخرجت حافيا متخفّيا أطلب خبره وأقفوا أثره ، فدخلت الصحن الشريف فرأيت أبواب قبّة العسكريّين عليهماالسلام مغلقة ، فتفقّدت أطراف خارجها فلم أجد منه أثرا ، فدخلت الصحن الأخير الذي فيه السرداب فرأيته مفتّح الأبواب ، فنزلت من الدرج حافيا متخفّيا متأنّيا بحيث لا يسمع منّي حسّ ولا حركة ، فسمعت همهمة من صفة السرداب كأنّ أحدا يتكلّم مع الآخر ، ولم أميّز الكلمات إلى أن بقيت مقدار أن سمعت أربع كلمات ، وكان دبيبي كدبيب النملة على الصخرة ، فإذا بالسيّد قد نادى من مكانه : ما تصنع هناك يا سيّد مرتضى؟ ولم خرجت من المنزل؟ فبقيت متحيّرا ساكنا كالخشب المسندة ، فعزمت على الرجوع قبل الجواب ، ثمّ قلت في نفسي : كيف يخفى حالك على من عرفك من غير طريق الحواس؟ فأجبته معتذرا نادما ، ونزلت في خلال الاعتذار إلى حيث شاهدت الصفة فرأيته وحده واقفا تجاه القبلة ليس لغيره هناك أثر ، فعرفت أنّه يناجي الغائب عن الأبصار ، سلام الله عليه ، فرجعت حريّا لكلّ ملامة ، غريقا في بحار الندامة.
احتجاجه مع اليهود في ذي الكفل (١) :
رأيت بخطّ العلّامة الحجّة الميرزا محمّد الطهراني في الجزء الرابع من مستدركه على البحار ما هذا لفظه :
__________________
(١) جمع هذه الرسالة بعض تلامذة السيّد بحر العلوم رحمهالله العلّامة السيّد جواد العاملي صاحب مفتاح الكرامة ، كان معه في ذي الكفل حين وقوع الاحتجاج ، ورأيت عند حفيده العلّامة السيّد محمّد صادق آل بحر العلوم نسخة من هذه الرسالة بخطّه أدرجها في ضمن مجموعته (السلاسل الذهبيّة) وكانت مصحّحة بقلم العلّامة الحجّة الشيخ محمّد جواد البلاغي رحمهالله. (المؤلّف)