رحبعام : إنّ خنصرني أمتن من خنصر أبي ، لئن كان أبي وضع عليكم أمورا صعبة وحمّلكم التكاليف الشاقّة فأنا أحمّلكم وأضع عليكم ما هو أشقّ وأصعب.
فتفرّقوا عنه ونصبوا يربعام بن نباط وملّكوه عليهم ، فاجتمعت عليه عشرة أسباط من بني إسرائيل ، وانفرد رحبعام بن سليمان عليهماالسلام بسبطين منهم في بيت المقدس ، ولمّا كان بنو إسرائيل يحجّون في كلّ سنة إلى بيت المقدس خاف يربعام على ملكه إن أذن لهم في الحجّ إليه من رحبعام وأتباعه أن يصرفوهم عنه أو أن يميلوا إليه ، فصنع لهم عجلين من ذهب ووضعهما في «دان» وبيت إيل ، وقال : هو ذا آلهتك يا إسرائيل الذين أصعدوك من أرض مصر وأمر الناس بعبادتهما والحجّ إليهما ، فأطاعوه وصاروا بذلك مشركين شركا آخر بعد عبادة العجل ، فكيف يا أخا اليهود تقول إنّ اليهود لم يشركوا بالله وما اتخذوا إلها غير الله تعالى وإنّهم كانا موحّدين وعن غير الله معرضين؟!
فأقرّوا حينئذ بما ذكر من عبادتهم الأصنام بنحو ما ذكر لهم وعجبوا من اطّلاعه على ما لم يطّلع عليه أحد من أمرهم.
ثمّ قال أيّده الله : كيف جاز لسليمان أن يهمّ بقتل يربعام قبل جنايته وليس ذلك جائزا في شريعة موسى عليهالسلام ولا في شريعة غيره من الأنبياء؟ وكان سليمان عليهالسلام على شريعة موسى عليهالسلام ولو جاز له ما لم يكن جائزا في شريعة موسى عليهالسلام كان النسخ جائزا وأنتم تنكرون النسخ؟
فسكتوا ، وقال كبيرهم داود : كلامكم يا سيّدنا على العين وفوق الرأس!
فقال لهم أيّده الله تعالى : أخبروني يا معاشر اليهود ، هل كان بينكم خلاف أو في كتبكم تباين واختلاف؟
فقالوا : لا.
فقال لهم : كيف ذلك وقد افترقتم على ثلاث فرق تشعب منها إحدى وسبعون