فقالوا : كلامكم على أعيننا وفوق رؤوسنا ، ونحن طالبون الحقّ ، راغبون في الصواب والصدق.
فقال لهم أيّده الله : فما الباعث لكم على اختيار الملّة اليهوديّة وترجيحها على الملّة الإسلاميّة؟
فقالوا : قد اتفق أصحاب الملل وهم اليهود والنصارى والمسلمون على نبوّة موسى عليهالسلام وثبوت شريعته ونزول التوراة عليه واختلفوا في نبوّة عيسى ومحمّد صلىاللهعليهوآله وفي الإنجيل والقرآن ، فنحن أخذنا بالذي اتفق عليه الجميع وتركنا ما اختلفوا فيه.
فقال أيّده الله : إنّ المسلمين ما اعتقدوا نبوّة موسى وصدقه في دعواه إلّا بإخبار نبيّهم الصادق الأمين وذكره في كتابهم القرآن المبين ، ولو لا ذلك ما اعترفوا بنبوّة موسى وعيسى عليهماالسلام ولا بالتوراة والإنجيل.
وأيضا أنتم لا تقبلون شهادة النصارى ولا المسلمين في شيء من الأشياء فكيف تقبلون شهادتهم وهم يشهدون عليكم بالكفر والزيغ عن الحقّ؟ فلم يبق إلّا شهادتكم لأنفسكم وهي غير مجدية لكم نفعا.
فتحيّروا من كلامه المبين وتحقيقه البليغ المتين ، ونظر بعضهم إلى بعض وأمسكوا طويلا ، فقال عزير وهو الشابّ الذي بينهم : يا سيّدي ، أنا أقول لك كلاما مختصرا نافعا من باب النصح والمحبّة فاستمع وتأمّل فيه وأنصف وهو حجّة عليك.
فقال أيّده الله تعالى : ما هذا المقال؟
فقال : إنّ في كتابنا ـ وهو التوراة ـ : يجيء نبيّ بعد موسى إلّا أنّه من بني إخواننا لا من بني إسماعيل.
فقال أيّده الله : هذه البشارة قد جاءت بها التوراة في الفصل الثاني عشر من السفر الخامس ، وترجمتها : إنّه تعالى قال لموسى : إنّي أقيم لهم ـ أي لبني إسرائيل ـ نبيّا من بني إخوانهم مثلك فليؤمنوا به وليسمعوا له ، وإخوان بني إسرائيل هم بنو