تدعهم أن يزوروني؟ مالك والدخول في ذلك؟ خلّ بينهم وبين ما يقولون. فانتبه وقد أصمّ الله تعالى أذنيه ، فكان لا يسمع بعده شيئا ، واستراح منه الزوّار ، وكان على ذلك إلى أن مات.
وقد نظم هذه الحكاية العلّامة الخبير الشيخ محمّد السماوي دام وجوده في وشايح السرّاء (١) ، فقال :
وقد روى عنه بأنّ مصطفى |
|
ابن حمّود كان من ذوي الجفا |
وكان يؤذي الزائرين في المحل |
|
ويكثر الردّ عليهم في الزلل |
لا سيّما إن دخلوا السردابا |
|
وحضروا يدعون من قد غابا |
وكان يوما جالسا في الروض |
|
من ذلك السرداب عند الحوض |
فاستشعر النوم فنام وأتى |
|
له الإمام وهو في زيّ فتى |
وصاح فيه قائلا يا لكع |
|
كم تؤذي زوّاري ولا ترتدع |
وما عليك منهم لو غلطوا |
|
حتّى تقول إنّ هذا شططا |
أهم يزورونك حتّى تأبى |
|
أم أنت ناظر عليهم تربا |
لا تسمعنّ بعد هذا كلما |
|
وكن بكلّ حالة أصمّا |
فانتبه البازي من منام |
|
وهو شبيه الخلد في الصمام |
تنظر عيناه إلى الشفاه |
|
في كلم وليس يدري ما هي |
ولم يفرّق مدحه من ذمّه |
|
ويلمه ما ذا جنى ويلمه |
ولم يزل كذاك حتّى أن مضى |
|
مخترما لمن له فصل القضا |
وانفكّت الزوّار في الحياة |
|
منه قبيل حالة المماة |
وما انثنى بذا عن اعتقاده |
|
حتّى تلاقى مع ذوي وداده |
__________________
(١) وشايح السرّاء : ٢٠.