لا حاجة لنا إلى هذه الزيارة ، فرجع ورجعت زوجته ، واشتدّ غضب السيّد علي وكان بيده عصى فطعن به على بطن المرأة بحيث ألقاها على وجه الأرض ، فانكشف خمارها وبدت معاصمها ، وقال : يا رافضي ، قد أنكرت قولي وتريد أن تخرم قاعدتي لأجل زوجتك.
فلمّا رأى الرجل هذه الفضيحة والتهتّك اظلمّت الدنيا في عينيه وتراكمت العبرة على خدّيه ورنا إلى الروضة البهيّة بطرفه وقال مع شدّة الحزن واحتراق القلب : يا ساداتي ، إن كنتم ترضون بأن هتكت حرمتي بمرأى ومسمع منكم على باب داركم فأنا راضي أيضا ، فأخذ بيد زوجته ورجع إلى منزله مع بكاء وأنين.
قال الحاج جواد الصبّاغ : فلم تنقضي إلّا ثلاث أو أربع ساعات فإذا برسول من قبل أمّ السيّد علي جاء إليّ وأنا في البيت ، وقال : أمّ السيّد علي تدعوك أن تعجّل في المسير إليها ، قال : فخرجت فإذا برسول ثاني وثالث صادفتهما في الطريق فلمّا دخلت الدار رأيت السيّد علي يتململ كتململ السليم ، ويصرخ من شدّة وجع البطن ، فقالت لي أمّ السيّد علي مع بكاء وصراخ : يا مولانا ، أغثنا وارحمنا ، اذهب مع كمال العجلة إلى الزائر الذي فعل به السيّد علي كذا وكذا واستدع منه أن يجعل السيّد عليّ في حلّ ممّا أساء إليه.
قال الجواد : فجئت إلى الزائر وأخبرته بمقالة أمّ السيّد علي وأستدعيت منه أن يجعله في حلّ. قال الزائر : جعلته في حلّ ولكنّ أين ذلك القلب المحترق وحالة الانقطاع إلى الله والاتصال والقرب المعنوي.
قال : فرجعت إلى الروضة لأداء فريضة المغرب والعشاء فرأيت أمّ السيّد علي ونسائه وإخوانه وبناته حول شبّاك العسكريّين عليهماالسلام يبكين ويصرخن مكشّفات الرؤوس وقد شددن ضفايرهنّ بالشبّاك ، وكنت في الروضة نسمع صياح السيّد علي وهو يقول : أسأت وظلمت ، وجعل يشتم نفسه.