قال : نعم ، الأمر كما تقول ، لكن لمّا خرجنا من الروضة ورأس الصبي كان على كتفي وهو لم يبصر شيئا وأمشي في الصحن ننتظرك لكي تخرج من الروضة ونذهب إلى العربيّة فإذا بالصبي رفع رأسه وأخذ العصابة من عينيه وقال : (ببين آقا دائى چشمم خوب شده است) يعني : أنظر يا خال إلى عيني وقد برئتا من الرمد ، فجئنا إليك مسرعا لنبشّرك بذلك.
قال : فلمّا سمعت هذه المقالة سجدت سجدة الشكر وعلمت علما يقينيّا بأنّ ذلك من كرامة الإمامين الهمامين العسكريّين عليهماالسلام ، فنهضت إلى الشبّاك معتذرا متشكّرا ، فودّعت الإمامين عليهماالسلام وخرجت من الروضة البهيّة فرحا مسرورا وجئت إلى دار قدس الحكماء وأوقفت الصبي في خارج الدار عند خاله ودخلت منفردا وقلت له : يا مولاي ، اليوم نترخّص من خدمتكم فأحببت أن تصفوا لنا دواء ينتفع به الصبي ، فلم يكترث بقولي ولم يلتفت إليّ ، ثمّ رفع رأسه إليّ مغضبا وقال : لا ينبغي لمثلي أن يستهزء به ، فهل دواء بعد العمى؟! أنتم أعميتم الصبي حيث خالفتموني منذ أصررت عليكم بالتعجيل على الرواح إلى بغداد عند الدكتور الفلاني ليعالجه ، فبعد العمى أيّ دواء أصف لكم؟!
فعند ذلك ناديت خال الصبي من خارج الدار ، فدخل مع الصبي فتمثّل بين يديه ، فلمّا نظر قدس الحكماء إليه بهتت هيئته وجعل ينظر إليه كالمندهش ثمّ انكبّ على الصبي فجعل يقبّل عينه ويطوف حوله وهو يبكي بكاء شديدا ويقول : أين ذهبت الغدّتان البارزتان؟ أين الرمد الذي لا يقدر على معالجته إلّا المسيح عليهالسلام روحي وأرواح العالمين لكم الفدا يا آل بيت المصطفى.
قال : وخرجنا من دار قدس الحكماء إلى دار سماحة الإمام العلّامة حجّة الإسلام الميرزا محمّد تقي أعلى الله مقامه ، وكان مطّلعا على حال الصبي ، فلمّا نظر إليه جعل يقبّل عيني الصبي ويبكي ، ثمّ قال لي : ينبغي لكم أن تؤخّروا الرواح إلى