كانت تستحقّ اللوم والتعيير ليس على الشيعة بل على من سلبهم موهبة الحرّيّة وألجأهم إلى العمل بالتقيّة.
تغلّب معاوية على الأمّة وابتزّها الإمرة عليها بغير رضا منها وصار يتلاعب بالشريعة الإسلاميّة حسب أهوائه ، وجعل يتتبّع شيعة عليّ عليهالسلام ويقتلهم تحت كلّ حجر ، ويأخذ على الظنّ والتهمة ، وسارت على طريقته العوجاء وسياسته الخرقاء الدولة المروانيّة ، ثمّ جاءت العبّاسيّة فزادت على ذلك بنغمات فاضطرّت الشيعة إلى كتمان أمرها تارة ، والتظاهر به أخرى ، زنة ما تقتضيه مناصرة الحقّ ومكافحة الضلال ، وما يحصل به إتمام الحجّة ، وكي لا تعمى سبل الحقّ بتاتا عن الخلق ، ولذا تجد الكثير من رجالات الشيعة وعظمائهم سحقوا التقيّة تحت أقدامهم وقدّموا هياكلهم المقدّسة قرابين للحقّ على مشاقّ البغي وأضاحي في مجازر الجور والبغي.
أهل استحضرت ذاكرتك شهداء مرج عذراء (قرية من قرى الشام) وهم أربعة عشر من رجال الشيعة ورئيسهم ذلك الصحابي الذي أنهكه الورع والعبادة حجر بن عدي الكندي الذي كان من القادة في فتح الشام ، قتلهم معاوية صبرا ثمّ صار يقول : ما قتلت أحدا إلّا وأنا أعرف فيما قتلته خلا حجر فإنّي لا أعرف بأيّ ذنب قتلته؟ نعم أعرف معاوية بذنب حجر ذنبه ترك العمل بالتقيّة وغرضه إعلان ضلال بني أميّة ومقدار علاقتهم من الدين.
وهل تذكّرت الصحابي الجليل عمرو بن الحمق الخزاعي وعبد الرحمان بن حسان العنزي الذي دفنه زياد في قسّ الناطف حيّا.
أتراك تذكّرت ميثم التّمار ورشيد الهجري وعبد الله بن يقطر الذي شنقهم ابن زياد في كناسة الكوفة.
هؤلاء والمئات من أمثالهم هانت عليهم نفوسهم العزيزة في سبيل الحقّ ونطحوا صخرة الباطل وما تهشّمت رؤوسهم حتّى هشّموها ، وما عرفوا أين زرع التقيّة