إلى أن قال : فلمّا توفّي أبو محمّد عليهالسلام جاء جعفر إلى أبي بعد قسمة الميراث وقال له : اجعل لي مرتبة أبي وأخي أوصل إليك في كلّ سنة عشرين ألف دينار ، فزبره أبي وأسمعه وقال له : يا أحمق ، إنّ السلطان أعزّه الله جرّد سيفه وسوطه في الذين زعموا أنّ أباك وأخاك أئمّة ليردّهم عن ذلك فلم يقدر عليه ولم يتهيّأ له ، صرفهم عن هذا القول فيهما وجهد أن يزيل أباك وأخاك عن تلك المرتبة فلم يتهيّأ له ذلك فإن كنت عند شيعة أبيك وأخيك إماما فلا حاجة بك إلى سلطان يرتّب لك مراتبهم ، وإن لم تكن عندهم بهذه المنزلة لم تنلها بسعي سلطان ، واستقلّه عند ذلك واستضعفه وأمر أن يحجب له ، فلم يأذن له بالدخول عليه حتّى مات أبي ، الخبر.
إطلاق جعفر عن الحبس
روى الشيخ الطوسي في الغيبة في ذيل رواية الحميري : وكان المعتمد يسأل من أخبار أبي محمّد حين حبسه وحبس جعفرا أخاه معه فيخبروه أنّه يصوم النهار ويصلّي الليل ، فسأل عنه يوما من الأيّام عن خبره ، فأخبره بمثل ذلك ، فقال له : امض الساعة إليه واقرأه منّي السلام وقل له : أنصرف إلى منزلك مصاحبا.
قال عليّ بن جرير ـ أو جرين ـ : فجئت إلى باب الحبس فوجدت حمارا مسرجا ، فدخلت عليه فوجدته جالسا وقد لبس خفّه وطيلسانه ، فلمّا رآني نهض فأدّيت الرسالة ، فركب ، فلمّا استوى على الحمار وقف ، فقلت له : ما وقوفك يا سيّدي؟ فقال لي : حتّى يجيء جعفر ، فقلت : إنّما أمرني بإطلاقك دونه ، فقال له : ترجع إليه فتقول له : خرجنا من دار واحدة جميعا فإذا رجعت وليس هو معي كان في ذلك ما لاخفاء به عليك ، فمضى وعاد فقال له : يقول لك : قد أطلقت جعفرا لك لأنّي حبسته بجنايته على نفسه وعليك وما يتكلّم به ، فخلّى سبيله فصار معه إلى داره.