ثمّ يجعلونها في كيس ويختمون عليها ، وكنّا إذا وردنا بالمال قال سيّدنا أبو محمّد عليهالسلام : جملة المال كذا ، وكذا دينارا من فلان كذا ، ومن فلان كذا حتّى يأتي على أسماء الناس كلّهم ، ويقول ما على الخواتيم من نقش.
فقال جعفر : كذبتم ، تقولون على أخي ما لم يفعله ، هذا علم الغيب.
قال : فلمّا سمع القوم كلام جعفر جعل ينظر بعضهم إلى بعض ، فقال لهم : احملوا هذا المال إليّ.
فقالوا : إنّا قوم مستأجرون وكلاء لأرباب المال ولا نسلّم المال إلّا بالعلامات التي كنّا نعرفها من سيّدنا أبي محمّد الحسن بن عليّ عليهماالسلام فإن كنت الإمام فبرهن لنا وإلّا رددناها إلى أصحابها يرون فيها رأيهم.
قال : فدخل جعفر على الخليفة وكان بسرّ من رأى فاستعدى عليهم ، فلمّا حضروا قال الخليفة : احملوا هذا المال إلى جعفر ، قالوا : أصلح الله أمير المؤمنين إنّا قوم مستأجرون وكلاء لأرباب هذه الأموال وهي لجماعة أمرونا أن لا نسلّمها إلّا بعلامة ودلالة ، وقد جرت بهذه العادة مع أبي محمّد الحسن بن عليّ. فقال الخليفة : وما الدلالة التي كانت لأبي محمّد؟ قال القوم : كان يصف الدنانير وأصحابها والأموال وكم هي ، فإذا فعل ذلك سلّمناها إليه ، وقد وفدنا عليه مرارا وكانت هذه علامتنا منه ودلالتنا ، وقد مات ، فإن يكن هذا الرجل صاحب هذا الأمر فليقم لنا ما كان يقيم لنا أخوه وإلّا رددناها إلى أصحابها.
فقال جعفر : يا أمير المؤمنين ، إنّ هؤلاء قوم كذّابون يكذبون على أخي وهذا علم الغيب.
فقال الخليفة : القوم رسل وما على الرسل إلّا البلاغ.
قال : فبهت جعفر ولم يحر جوابا ، فقال القوم : يتطوّل أمير المؤمنين بإخراج أمره إلى من يبدرقنا حتّى نخرج من هذه البلدة.