وبإرادته كان التقدير ، وبتقديره كان القضاء ، وبقضائه كان الإمضاء ، والعلم متقدّم على المشيّة ، والمشيّة ثانية ، والإرادة ثالثة ، والتقدير واقع على القضاء بالإمضاء ؛ فلله تبارك وتعالى البداء فيما علم متى شاء وفيما أراد ، لتقدير الأشياء ، فإذا وقع القضاء بالإمضاء فلا بداء.
شرح المجلسي للبداء :
ذكر قدسسره في المجلّد من كتابه مرآة العقول شرحا وافيا ، فقال : اعلم أنّ البداء ممّا ظنّ أنّ الإماميّة قد تفرّدت به وقد شنّع عليهم بذلك كثير من المخالفين ، والأخبار في ثبوتها كثيرة مستفيضة من الجانبين ، ولنشر إلى بعض ما قيل في تحقيق ذلك ، ثمّ إلى ما ظهر لي من الأخبار ممّا هو الحقّ في المقام.
اعلم أنّه لمّا كان البداء ممدودا في اللغة بمعنى ظهور رأي مثل أن يقال : بداء لأمر بدأ أي ظهر ، وبدا له الأمر بدأ أي فشأ له فيه رأي ، كما ذكره الجوهري وغيره. فلذلك يشكل القول بذلك في جناب الحقّ تعالى لاستلزامه حدوث علمه تعالى بشيء بعد جهله ، وهذا محال ، ولذا شنّع كثير من المخالفين على الإماميّة في ذلك نظرا إلى ظاهر اللفظ من غير تحقيق لمرامهم ، حتّى أنّ الفخر الرازي ذكر في خاتمة كتاب المحصّل حاكيا عن سليمان بن جرير أنّ أئمّة الرافضة وضعوا القول بالبداء لشيعتهم فإذا قالوا إنّه سيكون لهم ثمّ لا يكون الأمر على ما خبروه قالوا : بدا لله فيه.
أقول : إنّ الله عزوجل سلّط على الفخر الرازي مولانا المحقّق الخواجه نصير الدين الطوسي قدسسره فرّد عليه مقالاته في كتابه نقد المحصّل فجعله كرماد اشتدّت به الريح في يوم عاصف.
ثمّ إنّ المجلسيّ أكثر الوقيعة في الرازي ، ثمّ قال : إنّ الرازي لم يعلم أنّ مثل هذه