المسلمين ، ووجوم الحجّة الحقّ ـ إيّاك أعني ـ عن القيام بناصرها وهو حامل الأمانة ، والمسئول عنها يوم القيامة ، قد طارت نفوسها شعاعا ، وطاشت عقولها ، وتاهت أفكارها ، ووقفت موقف الحيرة ، وهي بين إنكار وإذعان ، وجحود وإيقان ، لا تهدي سبيلا ، وهامت في بيداء الهواجس في عتمة الوساوس ضالّة عن رشدها لا تجد إليه دليلا ، وأخذ القنوط بمجامع قلوبها ، وسدّ دونها أبواب رجائها ، وكادت تختار بأسا منها الضلالة على الهدى ، وتعرض عن محجّة الحقّ وتتبع الهوى.
وإنّ آحاد الأمّة لا يزالون يتسائلون شاخصة أبصارهم عن أسباب قضت على حجّة الإسلام ـ إيّاك أعني ـ بالسبات والسكوت وحتم عليه أن يطوي الكشح عن إقامة الدين على أساطينه واضطرّه إلى ترك الشريعة وأهلها إلى أيدي زنادقة يلعبون بها كيف ما يريدون ، ويحكمون فيها ما يشاؤون حتّى أنّ جماعة من الضعفاء زعموا أن قد كذّبوا وظنّوا في الحجّة ظنّ السوء وحسبها أنّ الأمر أحبولة الحذق وأسطورة المذق ، وذلك لأنّها ترى وهو الواقع أنّ لك الكلمة الجامعة والحجّة الساطعة وأنّ أمرك في الكلّ نافذ ، وليس لحكمك في الأمّة منابذ ، وإنّك لو أردت أن تجمع آحاد الأمّة بكلمة منك وهي كلمة تنبثق من كيان الحقّ إلى صدور أهله لترهب به عدوّ الله وعدوّهم وتكفّ عنهم شرّ الزنادقة وتزيح ما حاق بهم من العنت والشقاء وتنشلهم من ضنك العيش إلى ما هو أرغد وأهنأ فيصير الدين بأهله منيعا حريزا ، والإسلام بحجّته رفيع المقام عزيزا.
هذا هو الحقّ ، إنّك رأس العصابة الحقّة ، وإنّك الروح الساري في آحاد الأمّة فلا يقوم لهم قائم إلّا بك ، ولا تجتمع كلمتهم إلّا عليك ، لو قمت بالحقّ نهضوا جميعا ولهم الكلمة العليا ، ولو قعدت تثبّطوا وصارت كلمتهم هي السفلى ، ولربّما كان هذا السير والدوران حينما غضّ حبر الأمّة طرفه عن شؤونهم وتركهم هملا بلا راع وهمجا بلا رادع ولا داع يقيم لهم عذرا فيما ارتابوا خصوصا لمّا رأوا أنّ حجّة