لنا : قد ضللتم عن الطريق وكان الحال كما قالوا ، فأرسلوا معنا رجلا منهم فسار معنا إلى قرب المنزل وهو القازاني ، فلمّا قربنا إلى القازاني استقبلنا جماعة من سادات سرّ من رأى لأجل أن يأخذونا ، وكان آخر اختيارنا من أرواحنا وأموالنا أوّل وقوعنا في أيديهم ، وكانت عندنا دوابّ ، فقالوا : ينبغي أن تركبوا دوابّنا لأجل الأجرة ، فركبنا دوابّهم فوصلنا إلى المشهد المبارك في الليل ونزلنا في بيت ذلك السيّد ، فأتت علينا امرأة بقبضة حطب قيمتها أقلّ من الفلس. فلمّا صلّينا الصبح قلنا : نروح إلى الزيارة ، قال : لا حتّى تأكلوا الضيافة من عندي ، فقلنا له : نحن معنا من اللحم والخبز ما يكفينا ، فقال : لا يكون هذا ، فبعد ساعة قدّم إلينا جفنة من الخشب كبيرة وفيها ماء أسود لا ندري ما يكون تحته ، وفيها ملاعق ، فقلنا : هذا أيّ شيء؟ فقال : مدّوا أيديكم فمددنا أيدينا فكان ذلك الماء حارّا ، فمددنا الملاعق فقصرت عن الوصول إلى قعر الجفنة ، فمددنا بعض أيدينا فتناولنا بالملاعق ما في قعر الجفنة فكانت حبّات من الأرز وكان قد غليت مع ذلك الماء ، فشربنا كلّ واحد ملعقة وقمنا للزيارة.
فقال لنا ذلك السيّد المبارك : اعلموا يا ضيوفي أنّ سادة سامرّاء ليس لهم خوف من الله ولا حياء فإذا دخلتم قبّة الإمام عليهالسلام أخذوا ثيابكم ولكنّكم أكلتم ملحي فأنا أنصحكم أن تجعلوا ما عندكم من الثياب الجدّد عندي في منزلي وخذوا خلقان ثيابكم حتّى لو أخذت منكم ترجعون إلى هذه الثياب ، فاستصوب كلامه أصحابنا ووضعوا ثيابهم عنده ، وأمّا أنا فقلت : قد أصابني البرد هذه البارحة فلبست ثيابي واحدا فوق آخر. فلمّا مضينا إلى الزيارة أخذوا منّا في الباب الأوّل من كلّ واحد أربع محمّديّات ، فلمّا وصلنا الباب الثاني أخذوا منّا أيضا ، فزرنا موالينا وأتينا إلى السرداب فلمّا نزلنا إليه أحاطوا بنا تحت الأرض فأخذوا ما أرادوا ، وكأنّي أرى طرف مئزر واحد من أصحابي في يده والطرف الآخر في يد رجل سيّد من السادة