كثرة حافظته وسعة باله
قال العلّامة الحجّة السيّد حسن الصدر في تكملة أمل الآمل : وأمّا سيرته في الاشتغال بالعلم فإنّه مات أبوه الميرزا محمود وهو طفل فكفله خاله مجد الأشراف واعتنى في تربيته لما رأى من فطانته ، فقد حدّثني هو قدسسره أنّه طلب معلّما جيّد الكتابة في داره وعيّن له في كلّ شهر عشرة توامين. قال : وهذا المبلغ في ذلك الزمان خطير ، ويعلم من خطّ خاله مجد الأشراف أنّ تاريخ ابتداء تعلّمه غرّة جمادى الثانية سنة ١٢٣٤. ولمّا فرغ من تعلّم القراءة والكتابة وصار يكتب مثل أستاده ، عيّن له معلّما في النحور والصرف ، ولمّا بلغ عمره ثماني سنين فرغ من كلّ المقدّمات فاختار خاله أن يصير منبريّا واعظا فسلّمه إلى أكبر منبري واعظ الميرزا إبراهيم لتعلّم الوعظ ، وكان قد قرّر له أستاده المذكور أن يحفظ شيئا من أبواب الجنان للقزويني وكان يقرأ الصفحة مرّتين فيحفظها على ظهر القلب ويروح إلى مسجد الوكيل ويصعد المنبر ويقرأها ، يفعل ذلك كلّ يوم ، وإنّ عبارة أبواب الجنان من أصعب العبارات قراءة لاشتمالها على السجع الذي لا يهتدي إلى كلّ أحد فضلا عن حفظه على ظهر القلب. ولمّا كان ذلك من النوادر ولم يخل عن الغرابة منعته عمّته من صعود المنبر كلّ يوم مخافة أن تصيبه العين الناظرة وقالت له : اصعد في الأسبوع يومين فإنّ عيون الناس لا تتحمّل أن ترى طفلا عمره ثماني سنين كلّ يوم يصعد المنبر يقرأ صفحة من أبواب الجنان.
وكان قدسسره يحفظ أكثر القرآن ويحفظ جميع أدعية شهر رمضان وجميع ما كان يقرأ من الأدعية في سائر الأوقات وكذلك الزيارات جميعا في جميع المشاهد ولم يتفق له أن يحمل معه كتابا في ذلك ، وكان يطيل في أدعيته وزياراته ، وكان كثير البكاء رقيق القلب ، غزير الدمعة ، وفي أثناء اشتغاله بالوعظ يشتغل بالعلم وقراءة الكتب