المتعارفة في الأصول والفقه ، وكان يطالع الدرس قبل حضوره عند الأستاد ، ويكتب أنظاره ويشرح مشكلات العبارة ، فلمّا مضى زمان قليل جاء بكراريسه المكتوبة إلى أستاذه الشيخ محمّد تقي الذي كان بشيراز وكان معروفا بتدريس شرح اللمعة ويحضر درسها عنده ما يزيد على أربعين مشتغلا ، فلمّا نظر أستاذه قال له : ليس في شيراز من تنتفع منه فيجب أن تهاجر إلى أصبهان فإنّها اليوم دار العلم ، فرحل من شيراز وورد أصبهان سابع عشر صفر سنة ١٢٤٨ ونزل في مدرسة الصدر واشتغل في الدرس والتدريس في علمي المعقول والمنقول ، وحضر أيّاما قلائل مجلس درس الشيخ محمّد تقي الأصفهاني صاحب الحاشية على المعالم.
فلمّا توفّي صاحب الحاشية لازم مجلس درس السيّد المحقّق المدقّق الأمير السيّد حسن المعروف بالمدرّس إلى أن عزم على زيارة العتبات وورد كربلاء والنجف فصار يمرّ على محافل العلماء ويحضر مجالس تدريسهم كالشيخ صاحب الجواهر ، والشيخ حسن صاحب أنوار الفقاهة في النجف ، والسيّد إبراهيم صاحب الضوابط في كربلاء ، ولم يطل في الحضور عندهم حتّى اجتمع مع الشيخ المرتضى الأنصاري فرآه من أهل الأنظار العالية والتحقيقات الجيّدة فعزم على المقام في النجف لأجله وعدل عن الرجوع إلى أصبهان ، وأخذ بالخوض في مطالب الشيخ بغاية جهده وكدّه ، والغوص فيها بقاطع ضرسه ، حتّى اغتنم كنوزها وحقّ حقائقها وزاد عليها بكامل نفسه فأكبّ عليه الفضلاء في درسه ، وصار آية في التحقيق والتدقيق ، وتقدّم في الفضل على كلّ أبناء جنسه.
فقد حدّثني السيّد الوالد قدّس الله روحه قال : كان الميرزا قليل التكلّم في بحث الشيخ ، لا يتكلّم إلّا نادرا ، وإذا تكلّم لا يجهر بصوته ، فينحني الشيخ لسماع كلامه ويشير إلى أهل الدرس بالسكوت ويقول لهم : إنّ جناب الميرزا يتكلّم ، وإذا فرغ من كلامه رفع الشيخ رأسه وتوجّه إلى أهل البحث وقرّر لهم كلام الميرزا ، وهذا