وتقواهم إلى أن وجد فيهم من كان يطلبه ، فدخل داره خفية ورشاه بثلاثة آلاف تومان له وخمسمائة تومان لكاتبه ، فقبل تلك الرشوة ، فقال لرئيس الامتياز : أنا أفتيت بالحرمة لجهات اقتضت والساعة أفتي بالإباحة ، فشرب في الوقت الدخان ، فلمّا رأى ذلك آرسن فرح بذلك وزعم أنّه نال مرامه من هذا الفاسق المتهتّك ، فقال المرتشي : أنا متعهّد بإبقاء معاملة الامتياز على حالها واستعمال الشعب الدخان ولكن يجب عليك أن تواجه السلطان وتستدعي منه إخراج من هو معارض لنا من طهران.
فقام آرسن وأتى إلى السلطان وقال : ما جئنا إلى إيران إلّا معتمدين عليك لتزيل عنّا كلّ غائلة حدثت ، واليوم أصابتنا خسائر فادحة وفيها مسئوليّة عند السفراء فنسدعي من حضرتكم إمّا أن تتحمّل خسائرنا لنرجع إلى بلادنا أو تأخذ لنا الإجازة من العلماء. ولمّا كان الأوّل غير ممكن للسلطان وعده بالثاني اضطرارا ، ثمّ حدّثه بالقصّة وما وقع الاتفاق عليه مع المرتشي المذكور ، فبقي السلطان متحيّرا فكتب إلى الآشتياني بما مضمونه أنّ جنابك مخيّر بين أن تعلن بإباحة استعمال الدخان أو تسافر مدّة قليلة من طهران فإنّ الأمر كذا وكذا ، فكتب إليه الآشتياني : أمّا نقض حكم الإمام الشيرازي فمحال ، وأمّا المسافرة فأسافر من الغد إن شاء الله.
فانتشر نبأ المسافرة في تمام البلدة بسرعة هائلة فعظم ذلك الأمر عند العلماء فاجتمعوا من كلّ محلّة وقصدوا دار الآشتياني واجتمع من طبقات الناس خلق كثير فملئت الشوارع والأسواق ورفعوا أصواتهم بالبكاء والنحيب مستنكرين ذلك أشدّ الإستنكار ، وكان الأمر كذلك إلى قريب من الظهر ، فبينماهم كذلك إذا بأفواج النساء صارخات باكيات يهرعن إلى الأسواق ، فكلّما رأين دكّانا مفتوحا أمرن بسدّه ، فعطّلت الأسواق وملئت الشوارع والسكك من الرجال والنساء ، وجعلوا يسبّون أصحاب الامتياز وكلّ من ينصرهم ويعينهم ، وتارة يصرّحون