بأسماء الوزراء الكبار بحيث خاف أركان الدولة على أنفسهم فسدّوا أبواب شمس العمارة ونصبوا المدافع على سطوحها وأمروا الجيش بإطلاق نيران بنادقهم ، فخالف الجيش أوامر الضبّاط وكانوا يبكون لبكاء النساء ، وعلت أصوات البكاء من حرم السلطان وجواريها وكنّ يشتمن بعض الوزراء الذي تعهّد ببقاء الامتياز وهتفن بالسبّ الشنيع والشتم الفظيع ، فأرسل السلطان نائب السلطنة ليسكّت الناس ، فلمّا صادف الناس صاحوا في وجهه وضربوه ضربا مبرحا فأطلق بعض حواشي السلطان بندقيّته فقتل نفرا من الرجال فكثر الضجيج ، فسكّتهم الآشتياني وقال : السلطان استدعى منّي أن لا أخرج منّي دار الخلافة فامضوا إلى مساكنكم.
فهدأت فورة الناس فدخل عضد الدولة دار الآشتياني بعد تفرّق الناس مع جماعة من وجوه حواشي الدولة واعتذر منه بكلّ لسان وقال له : رفعنا الامتياز عن الخارجيّة فضلا عن الداخليّة وقطعنا أيدي الأجانب بالكلّيّة من إيران ، فنرجوا من فضلكم الآن أن تبرقوا إلى سامرّاء وتشرحوا للإمام الشيرازي حقيقة الأمر ليصدروا فتواه بجواز استعمال الدخان ، فأجابه الآشتياني لذلك فأبرق برقيّة مفادّها أنّ امتياز الدخانيّة رفع بيمن بركاتكم ومساعيكم الجميلة من داخل إيران وخارجها وبطلت المعاملة الجائرة وعاد الأمر كما كان وقطعت أيدي الأجانب من إيران ، فالناس منتظرون أمركم في جواز استعمال الدخان ، وبهذا المضمون أرسل سائر العلماء برقيّات إلى سامرّاء ، فجاء الجواب للآشتياني مفادّه أنّ برقيّات العلماء وصلت إليّ وأنا أشكر مساعيكم وأصدّق أقوالكم غير أنّي لا أعتمد على طريق الوصول وهي البرقيّة فإن كتبتم إليّ تفصيل ما في البرقيّات بقطع يد الأجنبي عن إيران بتاتا وعود أمر الدخانية إلى ما كان سابقا فالترخيص يجيئكم إن شاء الله.
فكتبوا إليه قدسسره ، فجاء الجواب بالترخيص ، فخرج أصحاب الامتياز من إيران خاسرين راجعين إلى أوربا بخفيّ حنين ، وكان يوم وصول الترخيص يوما مشهودا