بعد ما أوقع (١) بأهل المدينة يوم الحرّة في أمره يزيد بن معاوية وأنهبها ثلاثا ، أتي بقوم القوم من أهل المدينة ، فكان أوّل من قدم إليه محمّد بن أبي الجهم فقال له : تبايع أمير المؤمنين يزيد على أنك عبد قنّ؟ إن شاء أعتقك وإن شاء استرقّك؟ قال : فقال : بل أبايع ، على أنّي ابن عم كريم حرّ ، فقال : اضربوا عنقه.
قال : وحدّثنا الزبير قال : وحدّثني عمر بن أبي بكر المؤملي ، عن زكريا بن عيسى ، عن ابن شهاب قال : قال أبو الجهم ليلة أتي بمحمّد بن أبي جهم يحمل حين قتله مسرف : لا والله ما وترت قط قبل الليلة ، وعنده آل سعيد ، ويزيد بن عبيد الله بن شيبة بن ربيعة يشهدون محمّدا ، وكان أميّة بن عمر بن سعيد عنده سعدى بنت أبي جهم أخت حميد لأمّه ، فسأل مسرف بن عقبة أن يعطيه محمّدا فيجنّه ، فأعطاه إيّاه فجاء به فقال أبو الجهم : إنكم يا بني أميّة تظنون أن دمي في بني مرّة ، لا والله ما دمي هناك ، وما أجد لي ولكم مثلا إلّا ما قال القائل :
ونحن لأفراس أبو هنّ واحد |
|
عتاق جياد ليس فيهن محمر (٢) |
وما لكم فضل علينا بعده سوى |
|
أنكم قلتم لنا : نحن أكثر |
ولستم بأقران العديد لأننا |
|
صغار وقد يربو الصغير ويكبر |
قال : وحميد بن أبي جهم أخو محمّد أيضا.
أخبرنا أبو عبد الله الفراوي ، أنبأنا أبو بكر أحمد بن الحسين ، ح وأخبرنا أبو محمّد بن حمزة ، ثنا أبو بكر الخطيب ، ح وأنبأنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو بكر بن الطبري ، قالوا : أنبأنا أبو الحسين بن الفضل ، أنبأنا عبد الله بن جعفر ، ثنا يعقوب (٣) ، ثنا إبراهيم بن المنذر ، حدّثني ابن فليح ، عن أبيه ، عن أيّوب بن عبد الرّحمن ، عن أيّوب بن بشير المغاوي (٤) أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم خرج في سفر من أسفاره فلما (٥) مرّ بحرّة زهرة وقف فاسترجع ، فساء (٦) ذلك من معه ، وظنوا أن ذلك من أمر سفرهم ، فقال عمر بن الخطّاب : يا رسول الله ، ما الذي رأيت؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أما إن ذلك ليس من سفركم هذا؟» فقالوا :
__________________
(١) بالأصل : أقع ، تصحيف.
(٢) المحمر : اللئيم.
(٣) المعرفة والتاريخ ٣ / ٣٢٧.
(٤) كذا رسمها بالأصل ود ، و «ز» ، وفي المعرفة والتاريخ : المعافري.
(٥) بالأصل : «فيما مر نحوه زهر» صوبنا الجملة عن د ، و «ز».
(٦) كتبت بخط مغاير فوق الكلام بين السطرين.