بالعراق ، وكان يقوي الكلام في المدرسة النّظامية ببغداد ، وأقام بالعراق إلى أن مات ، وكان صلبا في الاعتقاد ، مواظبا على الإفادة.
قرأت بخط أبي عامر محمّد بن سعدون فيما أذن لي في روايته عنه ، أنشدني أبو عبد الله محمّد بن أبي بكر عتيق بن محمّد بن أبي نصر هبة الله بن عليّ بن مالك التميمي القيرواني المتكلّم ، في رمضان سنة خمسمائة ، أنشدني أبو عبد الله محمّد الطائي البحاثي لقيته بمصر ، وكان من تلامذة القاضي ، قلت له : هاهنا بالعراق لقي القاضي؟ قال : نعم ، أقام هنا ست عشرة سنة ، قرأ عليه «الهداية» وغيره من الكتب الكبار ، وكان يحفظ الهداية ، قلت له : كان يحفظ الهداية؟ قال : أي والله ، كان يحفظها خيرا من هؤلاء ، أراه أشار إلى أبي عبد الله الحسين (١) بن حاتم الأذري (٢) ، وأبي الطاهر عليّ بن محمّد الواعظ ، وأبي القاسم عبد الرّحمن بن علي العطّار المعروف بالكحّال ، وهؤلاء الثلاثة من أصحاب القاضي أبي بكر محمّد بن الطيب قال : وكان يحفظ كتاب سيبويه (٣) :
كلام إلهي (٤) ثابت لا يفارقه |
|
وما تحت (٥) ربّ العرش فالله خالقه |
ومن لم يقل هذا فقد صار ملحدا |
|
وصار إلى قول النصارى يوافقه |
وفي الناس شيطان يردّ مقالتي |
|
وإنّي شهاب حيث ما صار لا حقه |
قال أبو عامر : وأنشدنا أبو عبد الله للمعري ـ يعني ـ أبا العلاء أحمد بن سليمان التنوخي الأعمى (٦) :
[ضحكنا وكان الضحك منا سفاهة |
|
وحق لسكان البسيطة أن يبكوا](٧) |
تحطّمنا الأيام حتى كأننا |
|
زجاج ولكن لا يعاد [لنا](٨) السّبك |
فردّ عليه أبو عبد الله البحاثي (٩) المتكلم بأن قال (١٠) :
كذبت وبيت الله حلفه صادق |
|
سيسبكنا بهذا الثرى (١١) من له الملك. |
__________________
(١) بالأصل هنا الحسن تصحيف.
(٢) كذا بالأصل ود ، و «ز» ، وانظر ما مرّ فيه.
(٣) البيتان الأول والثاني في الوافي بالوفيات ٤ / ٨٠.
(٤) كذا بالأصل ود ، وفي «ز» : كلام الفتى.
(٥) في الوافي : وما دون.
(٦) البيتان في الوافي بالوفيات ٤ / ٧٩.
(٧) سقط البيت من الأصل ، واستدرك عن د ، و «ز».
(٨) زيادة عن د ، و «ز» ، والوافي ، لتقويم الوزن.
(٩) في «ز» : البخاري.
(١٠) الوافي بالوفيات ٤ / ٧٩ ـ ٨٠.
(١١) في د ، و «ز» ، والوافي : بعد النوى.