تأزر (١) بواحدة وتردّى بالأخرى ، فجاء فاستوى على رجله اليسرى وأقام اليمنى.
قال محمّد بن عكاشة :
فأردت أن أقول : حيّاك الله ، فبدأني (٢) فقال : حيّاك الله يا محمّد ، وكنت أحبّ أن أرى رباعيته مكسورة ، فتبسم رسول الله صلىاللهعليهوسلم فنظرت إلى رباعيته المكسورة فقلت : يا رسول الله إن الفقهاء قد خلطوا عليّ وعندي أصناف من السّنّة فأعرضهن عليك؟ قال : نعم ، قلت : الرضا بقضاء الله ، والتسليم لأمر الله ، والصّبر على حكمه ، والأخذ بما أمر الله ، والنهي عمّا نهى الله ، وإخلاص العمل لله عزوجل ، والإيمان بالقدر خيره وشرّه ، وترك المراء والخصومات في الدّين ، والمسح على الخفين ، والجهاد مع كل خليفة ، وصلاة الجمعة مع كل برّ وفاجر ، والصلاة على من مات من أهل القبلة ، والإيمان قول وعمل يزيد وينقص ، والقرآن كلام الله غير مخلوق ، والصّبر تحت لواء السلطان على ما كان فيهم من عدل أو جور ، ولا يخرج على الأمراء بالسّيف وإنّ جاروا ، ولا ينزل أحدا من أهل القبلة جنّة ولا نارا ، ولا يكفّر أحدا من أهل التوحيد ، وإن عملوا بالكبائر ، والكفّ عن مساوئ أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وأفضل الناس بعد رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أبو بكر وعمر.
قال محمّد بن عكاشة : فوقفت عند علي وعثمان كأنّي تهيّبت النبي صلىاللهعليهوسلم أن أفضّل عثمان على علي ، فقلت في نفسي : عليّ ابن عمّه وعثمان ختنه ، فتبسم النبي صلىاللهعليهوسلم كأنه قد علم ما أردت ثم قال : عثمان ثم علي ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : هذه السنّة فشدّ يدك بها ، وضمّ أصابعه ، قال محمّد : عرضت عليه هذه الأصول ثلاث ليال كل ليلة أقف عند علي وعثمان فيتبسم عند وقوفي كأنه قد علم ثم يقول : عثمان ثم علي ، تمسّك بها.
قال محمّد بن عكاشة : أعرض عليه هذه الأصول وعيناه تهملان فلمّا قلت : الكف عن مساوئ أصحابك فانتحب حتى علا صوته قال ابن عكاشة : وجدت حلاوة في فمي وقلبي فمكثت ثمانية أيام لا آكل طعاما حتى ضعفت عن صلاة الفريضة ، فلمّا أكلت ذهبت تلك الحلاوة من في.
أنبأنا أبو محمّد بن الأكفاني ، حدّثنا عبد العزيز ـ لفظا ـ أنبأنا أبو نصر بن الجبّان ـ
__________________
(١) في «ز» : تأبى.
(٢) بالأصل : فباداني ، والمثبت عن د ، و «ز».