قرأت بخط عبد الوهّاب الميداني سماعه من أبي سليمان بن زبر ، عن أبيه أبي محمّد قال : وأخبرني أحمد بن عبد الله قال : وجدت في كتاب جدي بخطه عن الفرات بن السائب عن أبي حمزة أن عمر بن عبد العزيز لما ولي بعث إلى الفقهاء فقرّبهم ، وكانوا أخصّ الناس به ، بعث إلى محمّد بن عليّ بن حسين أبي جعفر ، وبعث إلى عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، وكان من عبّاد أهل الكوفة وفقهائهم ، فقدم عليه ، وبعث إلى محمّد بن كعب القرظي (١) ، وكان من أهل المدينة من أفاضلهم وفقهائهم ، فلمّا قدم أبو جعفر محمّد بن علي على عمر بن عبد العزيز وأراد الانصراف إلى المدينة قال : بينما هو جالس في الناس ينتظرون الدخول على عمر إذ أقبل ابن حاجب عمر وكان أبوه مريضا ، فقال : أين أبو (٢) جعفر ليدخل؟ فأشفق محمّد بن علي أن يقوم فلا يكون هو الذي دعا به ، فنادى ثلاث مرات ، قال : لم يحضر يا أمير المؤمنين ، قال : بلى ، قد حضر ، حدّثني بذلك الغلام ، قال : فقد ناديته ثلاث مرات ، قال : كيف قلت؟ قال : قلت : أين أبو جعفر؟ قال : ويحك اخرج ، فقل : أين محمّد ابن علي؟ فخرج ، فقام فدخل فحدّثه ساعة ، وقال : إنّي أريد الوداع يا أمير المؤمنين ، قال عمر : فأوصني يا أبا جعفر ، قال : أوصيك بتقوى الله ، واتّخذ الكبير أبا ، والصغير ولدا ، والرجل أخا ، فقال : رحمك الله ، جمعت لنا والله ما إن أخذنا به وأماتنا الله عليه ، استقام لنا الخير إن شاء الله ، ثم خرج ، فلما انصرف إلى رحله أرسل إليه عمر : إني أريد أن آتيك فاجلس في إزار ورداء ، فبعث إليه : لا ، بل أنا آتيك ، فأقسم عليه عمر ، فأتاه عمر ، فالتزمه ووضع صدره على صدره وأقبل يبكي ، ثم جلس بين يديه ، ثم قام وليس لأبي جعفر حاجة سأله إياها إلّا قضاها له ، وانصرف فلم يلتقيا حتى ماتا جميعا ، رحمهماالله.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، وأبو العزّ الكيلي ، قالا : ، أنا أبو طاهر أحمد بن الحسن ـ زاد الأنماطي ، وأبو الفضل بن خيرون قالا : أنا أبو الحسين محمّد بن الحسن أنا أبو الحسين محمّد بن أحمد ، أنا أبو حفص الأهوازي خليفة بن خياط قال (٣) : محمّد بن عليّ بن حسين بن أبي طالب يكنى أبا جعفر ، أمّه أم عبد الله بنت حسن بن عليّ بن أبي طالب ، توفي سنة ثمان عشرة ومائة.
__________________
(١) بالأصل و «ز» : القرطبي ، تصحيف ، والمثبت عن د.
(٢) بالأصل ود ، و «ز» : أبي.
(٣) طبقات خليفة بن خيّاط ص ٤٤٤ رقم ٢٢٣٣