لها ذلك فإنها لم يبن منها مرّ السنين عليها إلّا نابا ،](١) إني كما يقال فلان رأس وفلان بطن ، ومن الناب قول جرير (٢) :
لقد سرني ألا تعدّ مشاجع |
|
من المجد إلّا عقر ناب بصوأر |
وقال أيضا (٣) :
تعدون عقر النّاب (٤) أفضل مجدكم |
|
بني ضوطرى (٥) لو لا الكميّ المقنّعا |
قال : كانت تأكل عظام الموتى طلبا لملوحتها ، فقال هذا الشاعر : إن تعر مني رمة خلقا ، يريد إن تأكل عظامي بعد موتي ، فإنّي كنت أتّئر آخذ منها بثأري سالفا في حياتي ـ يعني ـ انه كان ينحرها للأضياف ، وقوله : اتئر من الثأر ، وأصله : اثتأر فقلبت الثاء تاء ، وأدغمت في التي بعدها ، وكذلك مذكر أصله مذتكر ، ومظلم أصله مظتلم (٦) ، ولما وصفنا من القلب علة هي مرسومة في موضعها ومن العرب من يقول : أثئر بالثاء ، ومذكر بالذال ، ومطّلم بالطاء (٧) إلّا أن المختار الأفصح الأوضح في القياس ، والأشهر من الرواية مدّكر ومتئر ومظّلم ، ومثله مذخر (٨) ، ومدّخر.
قال زهير بن أبي سلمى يمدح هرم بن سنان (٩) :
هل الجواد الذي يعطيك نائلة |
|
عفوا ويظلم أحيانا فيظلم |
يروى على الوجهين ، والطاء (١٠) أشهرهما ، والمشهور من القراءة في قول الله عزوجل : (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ)(١١) الدال ، وكذلك قوله : (وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ)(١٢).
أخبرنا أبو الحسن عليّ بن محمّد ، أنبأنا أبو منصور محمّد بن الحسن ، أنبأنا أبو العبّاس أحمد بن الحسين ، أنبأنا عبد الله بن محمّد بن عبد الرّحمن ، ثنا محمّد بن إسماعيل ،
__________________
(١) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك للإيضاح عن د ، و «ز» والجليس الصالح.
(٢) ديوان جرير ص ٢٠٢ (ط. بيروت).
(٣) ديوان جرير ص ٢٥٤ (ط. بيروت).
(٤) في الديوان : النيب.
(٥) بالأصل : «ضوطر» والمثبت عن د ، و «ز» ، والجليس الصالح ، والديوان.
(٦) بالأصل ود ، و «ز» : «ويظلم من تظلم» والمثبت عن الجليس الصالح.
(٧) بالأصل ود ، و «ز» : ومظلم بالظاء ، والمثبت عن الجليس الصالح.
(٨) بالأصل : «مد نمر» وفوقها ضبة ، وفي د : مدمر ، وفي «ز» : مدخر ، والمثبت عن الجليس الصالح.
(٩) شرح ديوان زهير ص ١٥٢.
(١٠) في الجليس الصالح : والظاء.
(١١) سورة القمر ، الآية : ١٥.
(١٢) سورة آل عمران ، الآية : ٤٩.