أشفقت من عبء البقاء وعابه |
|
ومللت من أري الزمان وصابه |
ووجدت أحداث الليالي أولعت |
|
بأخي الندى تثنيه عن آدابه |
لا يطلبنّ كلامه متشبه |
|
فالدرّ ممتنع على طلابه |
أثنى وخاف من ارتحال ثنائه |
|
عني فقيد لفظه بكتابه |
كلم بنظم العقد يحسن تحته (١) |
|
معناه حسن الماء تحت حبابه |
فتشوّفت (٢) شوقا إلى نغماته |
|
أفهامنا ورنت إلى آدابه |
والنخل ما عكفت عليه طيوره |
|
إلّا لما علمته من إرطابه |
ردت لطافته وحدة ذهنه |
|
وحش اللغات أوانسا بخطابه |
والنحل تجني المرّ من نور الرّبا |
|
فتصير شهدا في طريق رضابه |
عجب الأنام لطول همة ماجد |
|
أوفى به قصر وما أزرى به |
سهم الفتى أقصى مدى من سيفه (٣) |
|
والرمح يوم طعانه وضرابه |
هجر العراق تطرّبا وتغربا |
|
ليفوز من سمط العلا بغرابه |
والسمهرية ليس يشرف قدرها |
|
حتى يسافر لدنها عن غابه |
والعضب لا يشفى امرأ من ناره |
|
إلّا بعقد نجاده وقرابه |
والله يرعى سرح كل فضيلة |
|
حتى يروحه إلى أربابه |
يا من له قلم حكى في فعله |
|
أيم الغضا لو لا سواد لعابه |
عرفت جدودك إذ نطقت وطالما |
|
لفظ القطا فأبان عن أنسابه |
وهزرت أعطاف الملوك بمنطق |
|
رد المسنّ إلى اقتبال شبابه |
ألبستني حلل القريض ووشيه |
|
متفضلا فرفلت في أثوابه |
وظلمت شعرك إذ حبوت رياضه |
|
رجلا سواه من الورى أولى به |
فأجاب عنه مقصرا عن شأوه |
|
إذ كان يعجز عن بلوغ ثوابه |
قالوا : وقال لنا أبو بكر الخطيب (٤) : مات أبو الخطّاب في ليلة الاثنين ودفن يوم الاثنين التاسع والعشرين من ذي القعدة سنة تسع وثلاثين وأربعمائة.
__________________
(١) في «ز» : بحثه.
(٢) في «ز» : فتشرفت شرفا.
(٣) في «ز» : سعيه.
(٤) تاريخ بغداد ٣ / ١٠٣.