أخبرنا أبو القاسم العلوي ، وأبو الحسن الغساني ، قالا : ثنا ـ وأبو منصور بن خيرون ، أنبأنا ـ أبو بكر الخطيب (١) ، حدّثني أبو الوليد الحسن بن محمّد الدربندي من أصل كتابه قال : سمعت محمّد بن الحسين بن الفضل القطان يقول : سمعت أبا بكر بن الجعابي يقول :
دخلت الرقّة وكان لي ثمّ قمطرين كتبا (٢) فأنفذت غلامي إلى ذاك الرجل الذي كتبي عنده ، فرجع الغلام مغموما ، فقال : ضاعت الكتب ، فقلت : يا بني لا تغتمّ ، فإن فيها مائتي ألف حديث لا يشكل عليّ منها حديث لا إسنادا ولا متنا.
قال (٣) : وحدّثنا علي بن أبي علي المعدل عن أبيه قال : ما شهدنا أحفظ من أبي بكر ابن الجعابي ، وسمعت من يقول : إنه يحفظ مائتي ألف حديث ، ويجيب في مثلها ، إلّا أنه كان يفضل الحفاظ ، فإنه كان يسوق المتون بألفاظها وأكثر الحفّاظ يتسامحون في ذلك ، وإن أتقنوا (٤) المتن ، وإلا ذكروا لفظة منه ، أو طرفا ، وقالوا : وذكر الحديث ، وكان يزيد عليهم بحفظ المقطوع والمرسل والحكايات والأخبار ، ولعله كان يحفظ من هذا قريبا ممّا يحفظ من الحديث المسند الذي يتفاخر الحفاظ بحفظه. وكان إماما في المعرفة بعلل الحديث ، وثقات الرجال من معتلّيهم (٥) وضعفائهم وأسمائهم وأنسابهم ، وكناهم ، ومواليدهم ، وأوقات وفاتهم ، ومذاهبهم ، وما يطعن به على كلّ واحد ، وما يوصف به من السداد ، وكان في آخر عمره قد انتهى هذا العلم إليه ، حتى لم يبق في زمانه من يتقدمه في الدنيا.
قال (٦) : وحدّثني رفيقي علي بن عبد الغالب الضراب (٧) قال : سمعت أبا الحسن بن رزقوية يقول : كان ابن الجعابي يملي مجلسه فتمتلئ السكة التي يملي فيها ، والطريق ، ويحضره (٨) ابن مظفر ، والدارقطني ، ولم يكن الجعابي يملي الأحاديث كلّها بطرقها إلّا من حفظه.
__________________
(١) تاريخ بغداد ٣ / ٢٧ ـ ٢٨.
(٢) بالأصل و «ز» : كتب ، والمثبت عن تاريخ بغداد.
(٣) القائل : أبو بكر الخطيب ، والخبر في تاريخ بغداد ٣ / ٢٨.
(٤) كذا بالأصل و «ز» ، وفي تاريخ بغداد : أثبتوا.
(٥) بالأصل و «ز» : «معتقلهم» والمثبت عن تاريخ بغداد.
(٦) تاريخ بغداد ٣ / ٢٨.
(٧) بالأصل : الضارب ، والمثبت عن د ، و «ز».
(٨) بالأصل : «ويحضر» والمثبت عن «ز» ، وتاريخ بغداد.