تدري لم دعوتك؟ فقلت : لا ، أسهرني ليلتي هذه فكرة في أمرك وورود هذا الشهر وما عندك ، فقلت : أصلح الله الوزير ، قصّتي تطول ، فقال : إنّ القصّة كلّما طالت كان أشهى لها ، فخبرته بحديث أمّ عبد الله ، وحديث إخواني الثلاثة ، وما كان من ردّها لهم ، وخبرته بحديث الطالبي وخبر أخي الثاني المواسي له بالكيس ، فقال : يا غلام دواة ، فكتب رقعة إلى خازنه ، فإذا كيس فيه خمسمائة دينار ، فقال لي : يا أبا عبد الله استعن بهذا على شهرك ، ثم رفع رقعة إلى خازنه ، فإذا صرة فيها مائتي دينار ، فقال : هذه لأم عبد الله لجزالتها وحسن عقلها ، ثم رفع رقعة أخرى ، فإذا مائتا (١) دينار ، فقال : هذه للطالبي ، ثم رفع رقعة أخرى فإذا صرة فيها مائتا (٢) دينار ، فقال : هذه للمواسي لك ، ثم قال : انهض أبا عبد الله في حفظ الله ، قال : فركبت من فوري ، فأتيت صاحبي الذي واساني بالكيس ، فدفعت إليه المائتي دينار وخبّرته بخبر يحيى بن خالد ، فكاد يموت فرحا ، ثم أتيت الطالبي فدفعت إليه الصرّة وأخبرته بخبر يحيى بن خالد ، فدعا وشكر ، ثم دخلت (٣) منزلي فدعوت أمّ عبد الله فدفعت إليها الصرّة فدعت وجزت خيرا ، فكيف ألام على حب البرامكة؟ يحيى بن خالد خاصّة؟.
أخبرنا أبو القاسم العلوي ، وأبو الحسن بن قيس ، قالا : ثنا ـ وأبو منصور بن خيرون ، أنبأنا ـ أبو بكر الخطيب (٤) ، أنبأنا محمّد بن أحمد بن يعقوب ، أنبأنا محمّد بن نعيم الضّبّي ، قال : سمعت أبا عبد الله بن بطة الأصبهاني يقول : سمعت جعفر بن أحمد بن فارس يقول : سمعت الحسن بن شاذان يقول : قال الواقدي : صار إليّ من السلطان ستمائة درهم ما وجبت عليّ فيها الزكاة.
قال (٥) : وحدّثني الصوري ، أنبأنا أبو الحسين بن جميع ، أنبأنا محمّد بن مخلد قال : سمعت عباسا الدوري يقول : مات الواقدي وهو على القضاء ، وليس له كفن ، فبعث المأمون بأكفانه.
قرأت على أبي محمّد بن حمزة ، عن عبد العزيز بن أحمد ، أنبأنا تمام بن محمّد ،
__________________
(١) بالأصل : «مائتي» والمثبت عن «ز» ، وابن سعد.
(٢) راجع الحاشية السابقة.
(٣) بالأصل : دعوت. تصحيف ، والمثبت عن «ز» ، وابن سعد.
(٤) تاريخ بغداد ٣ / ٢٠.
(٥) القائل : أبو بكر الخطيب ، والخبر في تاريخ بغداد ٣ / ٢٠.