ولي الحجّاج الحجاز هرب النّميري إلى عبد الملك بن مروان فاستجار به ، وقد ذكر بصرى في شعره فقال (١) :
أهالتك (٢) الظغائن يوم باتوا |
|
بذي الزّي الجميل من الأثاث |
ظعائن أسلكت نقب المنقّى |
|
[تحثّ](٣) إذا ونت أيّ اجتثاث |
على البغلات أشباه الحصاري |
|
من البيض الهر كلة الدّماث |
تؤمّل أن تلاقي أهل بصرى |
|
فيا لك من لقاء مستراث |
كأنّ على الحدائج يوم باتوا (٤) |
|
نعاجا (٥) ترتعي بقل البراث (٦) |
قرأت في كتاب أبي الفرج علي بن الحسين بن محمّد الأموي (٧) ، أخبرني حبيب بن نصر ، نا عمر بن شبّة ، حدّثني أبو سلمة الغفاري قال : هرب النّميري من الحجّاج إلى عبد الملك واستجار به ، فقال له عبد الملك : ما قلت في زينب؟ فأنشده ، فلما انتهى إلى قوله :
فلما رأت ركب النّميري أعرضت |
|
وكنّ من أن يلقينه حذرات |
قال له عبد الملك : وما كان ركبك يا نميري؟ قال : أربعة أحمرة كنت أجلب عليها القطران ، وثلاثة أحمرة صحبتي تحمل البعر ، فضحك عبد الملك حتى استغرب وقال : لقد عظّمت أمرك وأمر ركبك ، وكتب له إلى الحجّاج : ألّا سبيل له عليه ، فلمّا أتاه الكتاب وضعه ولم يقرأه ، ثم أقبل على يزيد بن أبي مسلم وقال : أنا بريء من بيعة أمير المؤمنين ، لئن لم ينشدني ما قال في زينب لآتين على نفسه ، ولئن أنشدني لأعفون عنه ، وهو إذا أنشدني آمن ، فقال له يزيد : ويلك أنشده ، فأنشده :
تضوّع مسكا بطن نعمان إن مشت |
|
به زينب في نسوة خفرات |
قال : فقال : كذبت والله ، ما كانت تتعطّر إذا خرجت من منزلها ، ثم أنشده حتى بلغ إلى قوله :
__________________
(١) الأبيات في الأغاني ٦ / ١٩٦.
(٢) الأغاني : أهاجتك.
(٣) زيادة لاستقامة الوزن عن د ، والأغاني ، وفي «ز» : يحث.
(٤) بالأصل : «يأتوا» والمثبت عن د ، و «ز» ، والأغاني.
(٥) الحدائج جمع حديجة من مراكب النساء نحو الهودج والمحفة والنعاج : البقر الوحشي. والبراث : الأماكن السهلة.
(٦) بالأصل : «المتراث» والمثبت عن د ، و «ز» ، والأغاني والبراث : الأماكن السهلة من الرمل.
(٧) الخبر والشعر في الأغاني ٦ / ١٩٤ وما بعدها.