هو وأمته كخطابه في (أَقِمِ الصَّلاةَ). وقال مجاهد والسدّي : إنما هي نافلة له قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر عام الحديبية ، فإنما كانت نوافله واستغفاره فضائل من العمل وقربا أشرف من نوافل أمته لأن هذه أعني نوافل أمته إما أن يجبر بها فرائضهم ، وإما أن يحط بها خطيئاتهم. وضعف الطبري قول مجاهد واستحسنه أبو عبد الله الرازي. وقال مقاتل فله كرامة وعطاء لك. وقيل : كانت فرضا ثم رخص في تركها. ومن حديث زيد بن خالد الجهني : رمق صلاته عليه الصلاة والسلام ليلة فصلى بالوتر ثلاث عشرة ركعة. وعن عائشة : أنه ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة.
و (عَسى) مدلولها في المحبوبات الترجي. فقيل : هي على بابها في الترجي تقديره لتكن على رجاء من (أَنْ يَبْعَثَكَ). وقيل هي بمعنى كي ، وينبغي أن يكون هذا تفسير معنى ، والأجود أن أن هذه الترجية والإطماع بمعنى الوجوب من الله تعالى وهو متعلق من حيث المعنى بقوله : (فَتَهَجَّدْ) و (عَسى) هنا تامة وفاعلها (أَنْ يَبْعَثَكَ) ، و (رَبُّكَ) فاعل بيبعثك و (مَقاماً) الظاهر أنه معمول ليبعثك هو مصدر من غير لفظ الفعل لأن يبعثك بمعنى يقيمك تقول أقيم من قبره وبعث من قبره. وقال ابن عطية : منصوب على الظرف أي في مقام محمود. وقيل : منصوب على الحال أي ذا مقام. وقيل : هو مصدر لفعل محذوف التقدير فتقوم (مَقاماً) ولا يجوز أن تكون (عَسى) هنا ناقصة ، وتقدّم الخبر على الاسم فيكون (رَبُّكَ) مرفوعا اسم (عَسى) و (أَنْ يَبْعَثَكَ) الخبر في موضع نصب بها إلا في هذا الإعراب الأخير. وأما في قبله فلا يجوز لأن (مَقاماً) منصوب بيبعثك و (رَبُّكَ) مرفوع بعسى فيلزم الفصل بأجنبي بين ما هو موصول وبين معموله. وهو لا يجوز.
وفي تفسير المقام المحمود أقوال :
أحدها : أنه في أمر الشفاعة التي يتدافعها الأنبياء حتى تنتهي إليه صلىاللهعليهوسلم ، والحديث في الصحيح وهي عدة من الله تعالى له عليه الصلاة والسلام ، وفي هذه الشفاعة يحمده أهل الجمع كلهم وفي دعائه المشهور : «وابعثه المقام المحمود الذي وعدته» واتفقوا على أن المراد منه الشفاعة.
الثاني : أنه في أمر شفاعته لأمته في إخراجه لمذنبهم من النار ، وهذه الشفاعة لا تكون إلّا بعد الحساب ودخول الجنة ودخول النار ، وهذه لا يتدافعها الأنبياء بل يشفعون ويشفع العلماء. وقد روي حديث هذه الشفاعة وفي آخره : «حتى لا يبقى في النار إلّا من