انتهى. وذكر أبو القاسم يوسف بن عليّ بن جبارة الهذلي في كتاب الكامل في القراءات من تأليفه ما نصه : يحذفها في الحالين يعني الألف في الحالين يعني الوصل والوقف حمصي وابن عتبة وقتيبة غير الثقفي ، ويونس عن أبي عمر ويعني بحمصي ابن أبي عبلة وأبا حيوة وأبا بحرية. وقرأ أبيّ والحسن لكن أنا (هُوَ اللهُ) على الانفصال ، وفكه من الإدغام وتحقيق الهمز ، وحكاها ابن عطية عن ابن مسعود. وقرأ عيسى الثقفي لكن هو الله بغير أنا ، وحكاها ابن خالويه عن ابن مسعود ، وحكاها الأهوازي عن الحسن. فأما من أثبت (هُوَ) فإنه ضمير الأمر والشأن ، وثم قول محذوف أي لكن أنا أقول (هُوَ اللهُ رَبِّي) ويجوز أن يعود على الذي (خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ) ، أي أنا أقول : (هُوَ) أي خالقك (اللهُ رَبِّي) و (رَبِّي) نعت أو عطف بيان أو بدل ، ويجوز أن لا يقدر. أقول محذوفة فيكون أنا مبتدأ ، و (هُوَ) ضمير الشأن مبتدأ ثان و (اللهُ) مبتدأ ثالث ، و (رَبِّي) خبره والثالث وخبره خبر عن الثاني ، والثاني وخبره خبر عن أنا ، والعائد عليه هو الياء في (رَبِّي) ، وصار التركيب نظير هند هو زيد ضاربها. وعلى رواية هارون يجوز أن يكون هو توكيد الضمير النصب في لكنه العائد على الذي خلقك ، ويجوز أن يكون فصلا لوقوعه بين معرفين ، ولا يجوز أن يكون ضمير شأن لأنه لا عائد على اسم لكن من الجملة الواقعة خبرا.
وفي قوله و (لا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً) تعريض بإشراك صاحبه وأنه مخالفه في ذلك ، وقد صرح بذلك صاحبه في قوله يا ليتني لم أشرك بربي أحدا. وقيل : أراد بذلك أنه لا يرى الغنى والفقر إلّا منه تعالى ، يفقر من يشاء ويغني من يشاء. وقيل : لا أعجز قدرته على الإعادة ، فأسّوي بينه وبين غيره فيكون إشراكا كما فعلت أنت.
ولما وبخ المؤمن الكافر أورد له ما ينصحه فحضه على أن كان يقول إذا دخل جنته (ما شاءَ اللهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ) أي الأشياء مقذوفة بمشيئة الله إن شاء أفقر ، وإن شاء أغنى ، وإن شاء نصر ، وإن شاء خذل. ويحتمل أن تكون ما شرطية منصوبة بشاء ، والجواب محذوف أي أي شيء شاء الله كان ، ويحتمل أن تكون موصولة بمعنى الذي مرفوعة على الابتداء ، أي الذي شاءه الله كائن ، أو على الخبر أي الأمر ما شاء الله (وَلَوْ لا) تحضيضية ، وفصل بين الفعل وبينها بالظرف وهو معمول لقوله (قُلْتَ). ثم نصحه بالتبري من القوة فيما يحاوله ويعانيه وأن يجعل القوة لله تعالى. وفي الحديث أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال لأبي هريرة : «ألا أدلك على كلمة من كنز الجنة»؟ قال : بلى يا رسول الله ، قال : «لا قوة إلّا بالله إذا قالها العبد قال الله عزوجل أسلم عبدي واستسلم». ونحوه من حديث أبي موسى وفيه إلّا بالله العلي العظيم.